قال الطبري: "، أي: أفترجون يا معشر المؤمنين .. أن يؤمن لكم يهود بني إسرائيل؟ " (?).
قال ابن كثير: " أي: ينقاد لكم بالطاعة، وهم الفرقة الضالة من اليهود، الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه، ثم قست قلوبهم من بعد ذلك " (?).
قال السعدي: " هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب، أي: فلا تطمعوا في إيمانهم وحالتهم لا تقتضي الطمع فيهم" (?).
وقد اختلفوا في قوله: {أَفَتَطْمَعُونَ} [البقرة: 75]، على وجهين (?):
أحدهما: آيسهم الله تعالى من إيمان هذه الفرقة وهم جماعة بأعيانهم. قاله ابن عباس (?).
والثاني: أن الله لم يؤيسهم من ذلك إلا من جهة الاستبعاد له منهم، مع ما هم عليه من التحريف والتبديل والعناد، قالوا: وهو كما لا نطمع لعبيدنا وخدمنا أن يملكوا بلادنا، ثم إنا لا نقطع بأنهم لا يملكون بل نستبعد ذلك.
والراجح، أن الهمزة للاستفهام؛ "والمراد به الاستبعاد، والتيئيس. أي تيئيس المسلمين من أن يؤمن هؤلاء اليهود لهم" (?). والله أعلم.
واختلفوا في الخطاب الموجه في قوله تعالى [أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة: 75]، على أربعة أقوال (?):
أحدها: أنه خطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. قاله ابن عباس ومقاتل (?).
قال الرازي: "لأنه هو الداعي وهو المقصود بالاستجابة واللفظ وإن كان للعموم، لكنا حملناه على الخصوص لهذه القرينة، روي أنه عليه السلام حين دخل المدينة ودعا اليهود إلى كتاب الله وكذبوه فأنزل الله تعالى هذه الآية" (?).
والثاني: أنه خطاب مع المؤمنون، تقديره أفتطمعون أن تصدقوا نبيكم. قاله أبو العالية وقتادة (?).
والثالث: أنه مع الأنصار، إذ أنهم لما أسلموا أحبوا إسلام اليهود للرضاعة التي كانت بينهم. ذكره النقاش (?)، واختاره ابن عطية (?).
والرابع: أنه خطاب مع الرسول والمؤمنين. قاله ابن عباس (?)، وروي عن الربيع بن أنس (?) والحسن (?) نحو ذلك.
وهذا القول الأخير"أليق بالظاهر لأنه عليه السلام وإن كان الأصل في الدعاء فقد كان في الصحابة من يدعوهم إلى الإيمان ويظهر لهم الدلائل وينبههم عليها، فصح أن يقول تعالى: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} ويريد به الرسول ومن هذا حاله من أصحابه وإذا كان ذلك صحيحا فلا وجه لترك الظاهر" (?).