4 ومنها: بيان قدرة الله سبحانه وتعالى، حيث جعل هذه الحجارة الصماء تتفجر منها الأنهار؛ وقد كان موسى. عليه الصلاة والسلام. يضرب بعصاه الحجر، فينبجس، ويتفجر عيوناً بقدرة الله. تبارك وتعالى

5 ومنها: أن الحجارة خير من قلوب هؤلاء بأن فيها خيراً؛ فإن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار؛ ومنها ما يشقق، فيخرج منه الماء؛ ومنها ما يهبط من خشية الله؛ وهذه كلها خير، وليس في قلوب هؤلاء خير.

6 ومنها: أن الجمادات تعرف الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {وإن منها لما يهبط من خشية الله}؛ وهذا أمر معلوم من آيات أخرى، كقوله تعالى: {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض} [الجمعة: 1]، وقوله تعالى: {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44]، وقوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11]: ففهمتا الأمر، وانقادتا.

7 ومن فوائد الآية: عظمة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {من خشية الله}؛ والخشية هي الخوف المقرون بالعلم؛ لقوله تعالى: {إنما يخشى الله َ من عباده العلماء} [فاطر: 28]؛ فمن علم عظمة الله سبحانه وتعالى فلا بد أن يخشاه.

8 ومنها: سعة علم الله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون}؛ وهذه الصفة من صفات الله سبحانه وتعالى السلبية؛ والصفات السلبية هي التي ينفيها الله سبحانه وتعالى عن نفسه. وتتضمن أمرين هما: نفي هذه الصفة؛ وإثبات كمال ضدها.

القرآن

{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)} [البقرة: 75]

التفسير:

أيها المسلمون أنسيتم أفعال بني إسرائيل، فطمعت نفوسكم أن يصدِّق اليهودُ بدينكم؟ وقد كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة، ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته، أو بتحريف ألفاظه، وهم يعلمون أنهم يحرفون كلام رب العالمين عمدًا وكذبًا.

اختلف في سبب نزول الآية، على قولين (?):

أحدهما: أنها: "نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى، فلما ذهبوا معه إلى الميقات وسمعوا كلام الله تعالى وهو يأمره وينهاه، رجعوا إلى قومهم، فأما الصادقون فأدوا ما سمعوا، وقالت طائفة منهم: سمعنا الله في آخر كلامه يقول: إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس" (?). حكاه الواحدي عن ابن عباس (?)، ومقاتل (?)، وروي عن ابن إسحاق (?)، والكلبي (?)، نحو ذلك.

والثاني: أنها: "نزلت في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمد - صلى الله عليه وسلم -" (?). وهذا قول أكثر المفسرين (?).

قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة: 75]، " أي أترجون يا معشر المؤمنين أن يسلم اليهود ويدخلوا في دينكم" (?).

قال الثعلبي: أي"لن يصدّقكم اليهود" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015