أحدهما: أنها البرد الهابط من السَّحاب، وهذا قول تفرد به بعض المتكلمين.
والثاني: وهو قول جمهور المفسرين: أنها حجارة الجبال الصلدة، لأنها أشد صلابة.
واختلف أهل التفسير في معنى هبوط ما هبط من الحجارة من خشية الله، على وجوه (?):
الأول: إن هبوط ما هبط منها من خشية الله تفيؤ ظلاله، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النحل: 48].
والثاني: إنه الجبل الذي صار دكا حين تجلى له ربه. كما قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143].
والثالث: أن الله جل ذكره أعطى بعض الحجارة المعرفة والفهم، فعقل طاعة الله فأطاعه، كالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية إني لأعرفه الآن " (?).
والرابع: وقيل: أن قوله: {يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} كقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} ولا إرادة له. قالوا وإنما أريد بذلك أنه من عظم أمر الله، يرى كأنه هابط خاشع من ذل خشية الله، كما قال زيد الخيل (?):
بجمع تضل البلق في حَجَراته ... ترى الأكْمَ منه سجدا للحوافر
وكما قال سويد بن أبي كاهل يصف عدوا له (?):
ساجد المنخر لا يرفعه ... خاشع الطرف أصم المستمع
يريد أنه ذليل.
وكما قال جرير بن عطية (?):
لما أتى خبر الرسول تضعضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
أي: من رأى الحجر هابطا تخيل فيه الخشية.
قال ابن عطية: " وهذا قول ضعيف: لأن براعة معنى الآية تختل به، بل القوي أن الله تعالى يخلق للحجارة قدرا ما من الإدراك تقع به الخشية والحركة" (?).