قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد
يريد ونصفه.
قال الزجاج: "ولا يصلح أن تكون (أو) ههنا بمعنى الواو" (?).
والخامس: أن (أو) في هذا الموضع بمعنى (بل) للإضراب، اختاره الثعلبي (?)، وابن عاشور (?).
فكان تأويله عندهم: فهي كالحجارة بل أشد قسوة، كما قال جل ثناؤه: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]، بمعنى: بل يزيدون (?).
ومنه قول الشاعر (?):
فو الله ما أدري أسلمى تغولت ... أم القوم أو كلٌ إلي حبيب
قالوا: أراد بل كل (?).
ومنه قول الآخر (?):
مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها أو أنت في العين أملح
أي: بل أنت في العين أملح (?).
والسادس: أنها على بابها في الشك. ومعناه: عندكم أيها المخاطبون وفي نظركم، أن لو شاهدتم قسوتها لشككتم أهي كالحجارة أو أشد من الحجارة (?).
والسابع: أن (أو) للتنويع (?). اختاره الواحدي (?).
أي: "وكأن قلوبهم على قسمين: قلوب كالحجارة قسوة، وقلوب أشدّ قسوة من الحجارة" (?).
قلت: لكل ما قيل من الأقوال السابقة وجه ومخرج من كلام العرب، بعد الإجماع على استحالة كونها للشكّ. والله أعلم بما أراد في كتابه.
وأما الرفع في قوله: قوله تعالى {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]، فمن وجهين (?):
أحدهما: أن يكون عطفا على معنى (الكاف) في قوله: {كالحجارة}، لأن معناها الرفع، فيكون المعنى: فهي مثل الحجارة أو أشد قسوة من الحجارة.
والوجه الآخر: أن يكون مرفوعا، على معنى تكرير (هي) عليه، فيكون تأويل ذلك: فهي كالحجارة، أو هي أشد قسوة من الحجارة".
وقد ذكروا بأن وصف الله تعالى تلك القلوب بأنها أشد قسوة لوجوه (?):
أحدها: أن الحجارة لو كانت عاقلة ولقيتها هذه الآية لقبلنها، كما قال: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} [الحشر: 21].