ومعنى (الإخراج)، -هنا-: "الإظهار والإعلان لمن خفي ذلك عنه، وإطلاعهم عليه، كما قال الله تعالى ذكره: {أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [النمل: 25] يعني بذلك: يظهره ويطلعه من مخبئه بعد خفائه .. والذي كانوا يكتمونه فأخرجه، هو قتل القاتل القتيل .. حتى أظهره الله وأخرجه، فأعلن أمره لمن لا يعلم أمره" (?).

الفوائد:

1.من فوئاد الآية: أن بيان الأمور الخفية التي يحصل فيها الاختلاف، والنِّزاع، من نعمة الله عزّ وجلّ؛ يعني مثلاً إذا اختلفنا في أمور، وكاد الأمر يتفاقم، ويصل إلى الفتنة، ثم أظهر الله ما يبينه فإن هذا من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا؛ لأنه يزيل بذلك هذا الخلاف، وهذا النِّزاع.

2. ومنها: أن الله سبحانه وتعالى يخرج ما كان يكتمه أهل الباطل، ويبينه للناس؛ لقوله تعالى: {والله مخرج ما كنتم تكتمون}؛ واذكروا قول الله تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيِّتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً} [النساء: 108].

3. ومنها: التحذير من أن يكتم الإنسان شيئاً لا يرضاه الله عزّ وجلّ؛ فإنه مهما يكتم الإنسان شيئاً مما لا يُرضي الله عزّ وجلّ فإن الله سوف يطلع خلقه عليه. إلا أن يعفو الله عنه.

4. ومنها: القاتل بغير حق لا يرث من المقتول شيئًا لحديث عمر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ" (?) وفي السنن الكبرى للبيهقي "ليس للقاتل من الميراث شيء" (?)، والحكمة في ذلك تهمة استعجال موته والقاعدة: أن من تعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه 0

واختلف العلماء في القتل المانع من الميراث على أقوال:

القول الأول: لايرث القاتل مطلقاً ولو كان بحق كقاضٍ ومنفذ قصاص وشاهدٍ عليه ونحو ذلك وكذا لو قتله خطأً كنائمٍ ومجنون وطفلٍ أو ضربه لتأديب أو بط جرحه لمعالجة فمات فلا يرث، ومن باب أولى قاتل العمد، وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي (?).

القول الثاني: المانع من الإرث هو القتل بغير حق وهو المضمون بقودٍ أو ديةٍ أو كفارة كالعمد وشبه العمد والخطأ وما جرى مجرى الخطأ كقتل الصبي والمجنون والنائم فلا يرثون، وسواء كان القتل بمباشرة أو سبب مثل أن يلقي قشر موز أو بطيخ بطريق فيهلك به مورثه فلا يرثه لأنه قاتل كالمباشر أو يكون القتل بسبب جناية مضمونة من بهيمة لكونها ضارية أو لكون يده عليها، وسواء انفرد بالقتل أو شارك فيه غيره لأن شريك القاتل قاتل وكذا لو قتله بسحر فلا يرثه ولو شربت الحامل دواء فأسقطت جنينها لم ترث من الغرة شيئًا بجنايتها المضمونة، وأما القتل بحق كالقتل قصاصاً وحداً ودفعاً عن نفسه وقتل الباغي أو قصد مصلحته بسقيه دواءً أو قتل بشهادة حق من وارثه أو زكي الشاهد عليه بحق أو حكم بقتله بحق ونحو ذلك فهذا يرث وهذا مذهب الحنابلة (?).

القول الثالث: لا يرث القاتل عمداً وأما من قتل خطأً فيرث المال لأنه لم يتعجل قتله ولا يرث من الدية لأنها واجبةٌ عليه فكيف يرث شيئاً وجب عليه وهو مذهب المالكية (?).

القول الرابع: المانع من الإرث هو ما أوجب قصاصاً أو كفارة كالعمد وشبهه والخطأ الموجب للكفارة وهو ما باشره بنفسه كانقلاب نائم على شخصٍ فقتله أو سقط عليه من أعلى كسطح بيت فقتله فهنا لا يرث، وأما الخطأ الذي لا يوجب كفارة فلا يمنع من الميراث كقتل الصبي والمجنون أوكان القتل فيه بسببه دون مباشرته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015