كما لو حفر بئراً فسقط فيه مورثه فمات أو وضع حجراً في الطريق فعثرت فيه دابة مورثه فسقط فمات أو نحو ذلك فهذا لا يمنع من الميراث وهو مذهب الأحناف (?).

والراجح - والله أعلم- مذهب الحنابلة لأن الحكم بمنع من تسبب في القتل الخطأ من الميراث فيه سدٌ لذريعة القتل وطلبًا للتحرز عنه، وأما منع الشافعية للقاتل بحق من الميراث ففيه تعطيلٌ للحدود ومنعاً لإستيفاء الحقوق المشروعة كقتال الباغي ونحو ذلك (?).

القرآن

{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)} [البقرة: 73]

التفسير:

فقلنا: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة المذبوحة، فإن الله سيبعثه حيًا، ويخبركم عن قاتله. فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله. كذلك يُحيي الله الموتى يوم القيامة، ويريكم- يا بني إسرائيل- معجزاته الدالة على كمال قدرته تعالى؛ لكي تتفكروا بعقولكم، فتمتنعوا عن معاصيه.

قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} [البقرة: 73]، "أي اضربوا هذا القتيل ببعض هذه البقرة" (?).

قال المراغي: " أي اضربوا المقتول ببعض البقرة .. وإنما أمرهم بالضرب ولم يضرب بنفسه نفيا للتهمة، كيلا ينسب إلى السحر والشعوذة" (?).

واختلفوا في ذلك البعض الذي ضربوا القتيل على أقوال (?):

أحدها: العضم الذي يلي الغضروف. قاله ابن عباس (?).

والثاني: فخذها. قاله مجاهد (?)، وعكرمة (?)، وقتادة (?).

والثالث: وقيل: البضعة بين الكتفين. قاله السدي (?).

والرابع: عضم من عضامها. قاله أبو العالية (?).

والخامس: وقيل: ببعض آرابها (?). قاله ابن زيد (?).

قلت: والأقرب أنهم كانوا مخيرين في أبعاض البقرة لأنهم أمروا بضرب القتيل ببعض البقرة وأي بعض من أبعاض البقرة ضربوا القتيل به، فإنهم كانوا ممتثلين لمقتضى قوله: {اضربوه ببعضها} والإتيان بالمأمور به يدل على الخروج عن العهدة على ما ثبت في أصول الفقه، وذلك يقتضي التخيير.

قال ابن عثيمين: " ولم يعين الله تعالى البعض: أهو الساق؛ أو الفخذ؛ أو الرقبة؛ أو الرأس، أو أيّ جزء من أجزائها، فليس لنا أن نعينه بجزء منها" (?).

وقال الطبري: "لا دلالة في الآية، ولا في خبر تقوم به حجة، على أي أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به. وجائز أن يكون الذي أمروا أن يضربوه به هو الفخذ، وجائز أن يكون ذلك الذنب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015