يدل على استكبارهم كونهم طلبوا من موسى. عليه الصلاة والسلام. أن يبين لهم ما هذه البقرة مع أن البقرة معروفة؛ وهي عند الإطلاق تشمل أيّ واحدة.
2. ومنها: تأكيد الأمر على بني إسرائيل أن يفعلوه؛ لقوله: {فافعلوا ما تؤمرون}؛ ومع ذلك لم يمتثلوا؛ بل تعنتوا.
القرآن
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)} [البقرة: 69]
التفسير:
فعادوا إلى جدالهم قائلين: ادع لنا ربك يوضح لنا لونها. قال: إنه يقول: إنها بقرة صفراء شديدة الصُّفْرة، تَسُرُّ مَن ينظر إليها.
قوله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا} [البقرة: 69]، "أي: ادع لنا ربك يبين لنا ما لون البقرة التي أمرتنا بذبحها" (?).
قوله تعالى: {قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها} [البقرة: 69]، " أي إِنها بقرة صفراء، شديدة الصفرة" (?).
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: {صَفْراءُ} [البقرة: 69]، على ثلاثة أقوال: (?):
أحدها: أن معناه: سوداء شديدة السواد. قاله الحسن (?).
قال ابن عطية: " وهذا شاذ لا يستعمل مجازا إلا في الإبل" (?).
والثاني: أن معناه: صفراء القرن والظلف. قاله سعيد بن جبير (?)، وفي رواية أشعث عن الحسن (?).
والثالث: أنها صفراء اللون. قاله ابن زيد (?).
قال الإمام الطبري: وأحسب أن الذي قال في قوله: (صفراء)، يعني به سوداء، ذهب إلى قوله في نعت الإبل السود: هذه إبل صفر، وهذه ناقة صفراء، يعني بها سوداء. وإنما قيل ذلك في الإبل لأن سوادها يضرب إلى الصفرة، ومنه قول الأعشى (?):
تلك خيلي منه وتلك ركابي ... هن صفر أولادها كالزبيب
يعني بقوله: (هن صفر)، هن سود وذلك إن وصفت الإبل به، فليس مما توصف به البقر، مع أن العرب لا تصف السواد بالفقوع، وإنما تصف السواد إذا وصفته بالشدة بالحلوكة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك وحانك وحُلكوك، وأسود غِربيب ودَجوجي، ولا تقول: هو أسود فاقع. وإنما تقول: هو أصفر فاقع، فوصفه إياه بالفقوع، من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأول قوله: (إنها بقرة صفراء فاقع) المتأول، بأن معناه سوداء شديدة السواد (?).
قوله تعالى: {فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة: 69]، "يعني: خالص لونها" (?).
قال ابن عثيمين: " ليس فيه ما يشوبه، ويخرجه عن الصفرة" (?).
قال قتادة: " هي الصافي لونها" (?). وروي عن أبي العالية (?)، والربيع (?)، والسدي (?)، مثل ذلك.