قال المراغي: "أي: من الهزؤ والسخرية بالناس" (?).

وقوله تعالى: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ} [البقرة: 67]، يحتمل معنيين (?):

أحدهما: الاستعاذة من الجهل في أن يخبر عن الله تعالى مستهزئا.

والثاني: الإستعاذة من الجهل كما جهلوا في قولهم {أَتَتَّخِذُنا هُزُواً}، لمن يخبرهم عن الله تعالى.

الفوائد:

1 من فوائد الآية: تعظيم الله عزّ وجلّ، حيث أسند الأمر إليه بصيغة الغائب، كقوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل: 90].

2 ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يسلك الأسباب التي تؤدي إلى قبول الأمر، أو الخبر؛ لقوله: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}.

3 ومنها: استهتار بني إسرائيل، حيث قالوا لنبيهم عليه الصلاة والسلام: {أتتخذنا هزواً} وقد أخبرهم أن الله تعالى أمرهم أن يذبحوا بقرة؛ فلم يحملوا هذا محمل الجدّ مع أن الواجب أن يحملوا هذا محمل الجدّ؛ لأنه أمر من الله عزّ وجلّ.

4 ومنها: أن الاستهزاء بالناس من الجهل وهو الحمق، والسفه؛ لقول موسى عليه الصلاة والسلام: {أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين}.

5 ومنها: أن جميع الخلق محتاجون إلى الله تعالى، وإلى الاعتصام به عزّ وجلّ؛ فإن موسى صلى الله عليه وسلم كان من أولي العزم من الرسل؛ ومع ذلك فهو محتاج إلى ربه تبارك وتعالى؛ لقوله تعالى: {قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين}؛ والاستعاذة لا تكون إلا بالله عزّ وجلّ؛ وقد تكون بالمخلوق فيما يقدر عليه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن وجد معاذاً فليعذ به" (?).

القرآن

{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)} [البقرة: 68]

التفسير:

قالوا: ادع لنا ربَّك يوضح لنا صفة هذه البقرة، فأجابهم: إن الله يقول لكم: صفتها ألا تكون مسنَّة هَرِمة، ولا صغيرة فَتِيَّة، وإنما هي متوسطة بينهما، فسارِعوا إلى امتثال أمر ربكم.

قوله تعالى: {قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ} [البقرة: 68]، " أي سله لأجلنا أن يكشف لنا عن الصفات المميزة لها" (?).

قال الصابوني: " أي ما هي هذه البقرة وأي شيء صفتها؟ " (?).

قال السعدي: " أي: ما سنها؟ " (?).

قال البيضاوي: " تكرير للسؤال الأول واستكشاف زائد" (?).

قال الزجاج: " وإِنَّما سألوا ما هي، لأنهم لا يعلمون أن بقرةً يحيا بضرب بعضها ميت" (?).

قال النسفي: " وذلك أنهم تعجبوا من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا فسألوا عن صفة تلك البقرة العجيبة الشان" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015