والرابع: هم فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور. قاله أبو العالية (?) والسدي، والربيع بن أنس، وأبو الشعشاء جابر بن زيد، والضحاك، وإسحاق بن راهويه (?).
والخامس: أنهم أهل دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل، يقولون: لا إله إلا الله، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي، إلا قول لا إله إلا الله، ولم يؤمنوا برسول الله. قاله ابن زيد (?).
والسادس: هم الذين لم تبلغهم دعوة نبي. ذكره ابن كثير (?).
والسابع: هم قوم يعيدون الملائكة ويصلون إلى القبلة. قاله قتادة (?)، وزياد بن أبيه (?)، وأبو جعفر الرازي (?).
والثامين: أنهم طائفة من أهل الكتاب. قاله السدي (?).
قال ابن كثير: "وأظهر الأقوال – والله أعلم – قول مجاهد ومتابعيه، ووهب بن منبه: أنهم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين وإنما هم باقون على فطرتهم، ولادين مقرر يتبعونه ويقتضونه" (?).
نستنتج مما سبق، بأن الصابئة أحد أمرين:
إما أن تكون فرقة واحدة لكن بعضهم انخرط مع المجوسية والبعض مع أهل الكتاب والبعض اعتزل جميع الأديان.
وإما أن تكون فرقة الصابئة، عبارة عن فرق متعددة ومذاهب متفرقة، كل فرقة لها طابع خاص تستقل به عن الفرقة الأخرى، فالجامع بينهم جميعاً المسمى – فقط – أما الحقيقة ففيه اختلاف فيما بينهم.
يقول ابن القيم – رحمه الله –: " وقد اختلف الناس فيهم اختلافاً كثيراً، بحسب ماوصل إليهم من معرفة دينهم، وهم منقسمون إلى مؤمن وكافر. قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ... الآية} [البقرة: 62].
فذكرهم – جل وعلا – في الأمم الأربعة الذين تنقسم كل أمة منها إلى ناج وهالك كما في قوله تعالى {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة} [الحج: 17]، فذكر الأمتين اللتين لاكتاب لهم، ولاينقسمون إلى شقي وسعيد وهما: المجوس والمشركون، ولم يذكرهما في آية الوعد بالجنة، وذكر الصابئين فيهما فعلم أن فيهم الشقي والسعيد" (?).
وقد اختلف موقف العلماء في الصائبة، قال ابن القيم: "لقد اختلف الناس فيهم اختلافاً كثيراً، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم:
فقال الشافعي رحمه الله تعالى: هم صنف من النصارى، وقال في موضع: ينظر في أمرهم، فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين، ولكنهم يخالفونهم في الفروع، فتؤخذ منهم الجزية، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية، ثم اختلف أصحابه – وكذلك اختلف الأحناف والمالكية والحنابلة –" (?).
ويقول ابن القيم – رحمه الله –: "وبالجملة فالصابئة أحسن حالاً من المجوس، فأخذ الجزية من المجوس تنبيه على أخذها من الصابئة بطريق الأولى، فإن المجوس من أخبث الأمم ديناً ومذهباً، ولايتمسكون