والمؤمنين (?) والمختارين الأصفياء والمدعوّين، ويظهر أنها لم تكن علمية، وإنما وردت للأشارة إلى التسمية التي تليها.

وقد كنى عن مجتمع النصارى ب (الكنيسة) صلى الله عليه وسلمcclesia وتعني (المجمع) في الإغريقية، بمعنى المحل الذي يجتمع فيه المواطنون. فكنى بها عن المؤمنين وعن الجماعة التابعة للمسيح. كما عبر عن النصارى ب (الفقراء) وب (الأصدقاء) (?).

وقد عرف النصارى ب Christians نسبةً إلى Christos اليونانية التي تعني (المسيح) Messiah، أيْ المنتظر المخلص الذي على يديه يتم خلاص الشعب المختار. ويسوع هو المسيح، أي المنتظر المخلص الذي جاء للخلاص كما جاء في عقيدة أتباعه، ولذلك قيل لهم أتباع المسيح. فأطلقت عليهم اللفظة اليونانية، وعُرفوا بها، تمييزاً لهم عن اليهود. وقد وردت الكلمة في أعمال الرسل وفي رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنتوس (?).

أما في القرآن الكريم وفي الأخبار، فلم ترد هذه اللفظة اليونانية الأصل. ولهذا نجد أن العربية اقتصرت على إطلاق (نصارى) و (نصراني) و (نصرانية) على النصارى تمييزاً لهم عن أهل الأديان الأخرى. أما مصطلح (عيسوي) و (مسيحي)، فلم يُعرفا في المؤلفات العربية القديمة وفي الشعر الجاهلي، فهما من المصطلحات المتأخرة التي أطلقت على النصارى (?)، وقد قصد في القرآن الكريم ب (أهل الإنجيل) (?) النصارى، إذ لا يعترف اليهود بالإنجيل، وقد أدخل علماء اللغة اللفظة في المعربات (?).

وأهم علامة فارقة ميزت نصارى عرب الجاهلية عن العرب الوثنيين، هي أكل النصارى للخنازير، وحملهم الصليب وتقديسه، ورد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم- قال لراهبيْن أتياه من نجران، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلما تسلما، فقالا: قد أسلمنا قبلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبتما منعكما من الإسلام ثلاث، سجودكما للصليب، وقولكما: إتخذ الله ولداً، وشربكما الخمر، فقالا: فما تقول في عيسى؟ ، قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم إلى قوله: أبناءنا وأبناءكم قال: فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملاعنة قال: وجاء بالحسن والحسين وفاطمة أهله وولده، قال: فلما خرجا من عنده، قال أحدهما لصاحبه: أقرر بالجزية ولا تلاعنه، قال: فرجعا، فقالا: نقر بالجزية ولا نلاعنك، قال: فإقرأ بالجزية" (?).

وقد روي عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: "يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ"، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ"" (?).

وورد في شعر ذي الرّمة (?):

ولكنَّ أصل امرىء القيس معشرٌ ... يحل لهم أكل الخنازير والخمر

يريد أنّهم نصارى في الأصل، فهم يختلفون عن المسلمين في أكلهم لحم الخنزير وفي شربهم الخمر (?).

وفد أقسم النصارى بالصليب. هذا (عدي بن زيد) يحلف به في شعر ينسب اليه، فيقول (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015