ولعلماء اللغة الإسلاميين آراء في معنى هذه الكلمة وفي أصلها، هي من قبيل التفسيرات المألوفة المعروفة عنهم في الكلمات الغريبة التي لا يعرفون لها أصلاً، وقد ذهب بعضهم إلى أنها نسبة إلى الناصرة التي نُسب اليها المسيح (?)، وزعم بعض منهم أنها نسبة إلى قرية يُقال لها (نصران)، فقبل نصراني وجمعه نصارى (?)، وذُكر أن (النصرانة) هي مؤنث النصراني (?).
وقد وردت هذه التسمية في الشعر الجاهلي، فقد ذُكر ان أمية بن أبي الصلت ذكرهم في هذا البيت (?):
أيام يلقى نصاراهم مسيحهم ... والكائنين له وداً وقربانا
وذكر أنّ شاعراً جاهلياً ذكر النصارى في شعر له، هو (?):
اليكَ تعدو قلقا وضينها معترضاً في بطنها جنينها
مخالفاً دين النصارى دينها
وذُكر أنّ جابر بن حُنىّ قال (?):
وقد زعمت بهراء أنّ رماحنا رماح نصارى لا تخوض إلى دم
وأنّ حاتماً الطّائي قال في شعر له (?):
ومازلت أسعى بين نابٍ ودارة ... بلحيانَ حتى خفت أن أتنصرا
وأنّ (طخيم بن أبي الطخماء) قال في شعر له في مدح بني تميم (?):
وإنّي وإنْ كانوا نصارى أحبهّم ويرتاح قلبى نحوهم ويُتَوَّق
وأنّ حسان بن ثابت قال (?):
فرحت نصارى يثرب ويهودها لما توارى في الضريح الملحد
غير أنّ هذه الأبيات وأمثالها إنْ صح أنها لشعراء جاهليين حقاً، هي من الشعر المتأخر الذي قيل قبيل الإسلام. أما قبل ذلك، فليس لنا علم بما كان العرب يسمّون به النصارى من تسميات.
والذي نعرفه أن قدماء النصارى حينما كانوا يتحدثون عن أنفسهم كانوا يقولون (تلاميذ) عز وجلisciples، و (تلاميذ المسيح)، ذلك أنهم كانوا ينظرون إلى المسيح نظرتهم إلى معلم يعلمهم (?) وكذلك نظروا إلى حوارييه، فورد (تلاميذ يوحنا) وقصدوا بذلك النصارى (?)، وهذه التعابير من أقدم التعابير التي استعملها النصارى للتعبير عن أنفسهم.
كذلك دعا قدماء النصارى جماعتهم ب (الاخوة) وب (الاخوة في الله) رضي الله عنهrethren in Lord للدلالة على الجماعة، وب (الأخ) للتعبير عن المفرد، ذلك لأن العقيدة قد آخت بينهم، فصار النصارى كلهم إخوة في الله وفي الدين (?)، ثم تخصصت كلمة (الأخ) برجل الدين (?)، ودعوا أنفسهم (القديسين) Saints (?)