قال أبو حيان: " و (الرزق) هنا هو المرزوق، وهو الطعام من المن والسلوى، والمشروب من ماء العيون .. وحمل الرزق على القدر المشترك بين الطعام والماء أولى من هذا القول" (?).

قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأرض مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]، "أي: ولا تطغوا في الأرض بأنواع البغي والفساد" (?).

قال أبو العالية: " يقول: لا تسعوا في الأرض فسادا" (?). وروي عن ابن عباس (?)، وقتادة (?)، وابن زيد (?)، نحو ذلك.

وقال أبو مالك: " يعني: لا تمشوا بالمعاصي" (?).

قال الطبري: أي" لا تطغوا، ولا تسعوا في الأرض مفسدين" (?).

قال ابن كثير: أي" ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها" (?).

قال البيضاوي: أي: " لا تعتدوا حال إفسادكم، وإنما قيده لأنه وإن غلب في الفساد قد يكون منه ما ليس بفساد، كمقابلة الظالم المعتدي بفعله، ومنه ما يتضمن صلاحاً راجحاً كقتل الخضر عليه السلام الغلام وخرقه السفينة، ويقرب منه العيث غير أنه يغلب فيما يدرك حساً، ومن أنكر أمثال هذه المعجزات فلغاية جهله بالله وقلة تدبره في عجائب صنعه، فإنه لما أمكن أن يكون من الأحجار ما يحلق الشعر وينفر عن الخل ويجذب الحديد، لم يمتنع أن يخلق الله حجراً يسخره لجذب الماء من تحت الأرض، أو لجذب الهواء من الجوانب ويصيره ماء بقوة التبريد ونحو ذلك" (?).

و(العيث): شدة الفساد، نهاهم عن ذلك، يقال: عث يعث عثيا وعثا يعثو عثوا، وعاث يعيث عيثا وعيوثا ومعاثا والأول لغة القرآن" (?)، ومنه رؤبة بن العجاج (?):

وعاث فينا مستحل عائث ... مُصَدِّق أو تاجر مقاعث

يعني بقوله: " عاث فينا "، أفسد فينا، ويقال: "عث يعث في المضاعف أفسد ومنه العثة، وهي السوسة التي تلحس الصوف" (?).

ومنه قول ابن الرّقاع (?):

لولا الحياء وأنّ رأسي قد عثا ... فيه المشيب لزرت أمّ القاسم

و"العِثي" معناه الإسراع في الإفساد؛ والإفساد في الأرض يكون بالمعاصي، كما قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [الروم: 41] " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015