قال الثعلبي: أي: " موضع شربهم" (?).

قال البيضاوي: أي: " عينهم التي يشربون منها" (?).

قال مجاهد: " لكل سبط منهم عين، كل ذلك كان في تيههم حين تاهوا" (?)

وقال سعيد بن جبير: " كان موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل، ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا، فينتضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين" (?).

قال الطبري: " إن الله كان جعل لكل سبط من الأسباط الاثني عشر، عينا من الحجر الذي وصف صفته في هذه الآية، يشرب منها دون سائر الأسباط غيره، لا يدخل سبط منهم في شرب سبط غيره. وكان مع ذلك لكل عين من تلك العيون الاثنتي عشرة، موضع من الحجر قد عرفه السبط الذي منه شربه. فلذلك خص جل ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم: أن كل أناس منهم كانوا عالمين بمشربهم دون غيرهم من الناس. إذ كان غيرهم - في الماء الذي لا يملكه أحد - شركاء في منابعه ومسايله. وكان كل سبط من هؤلاء مفردا بشرب منبع من منابع الحجر - دون سائر منابعه - خاص لهم دون سائر الأسباط غيرهم، فلذلك خصوا بالخبر عنهم: أن كل أناس منهم قد علموا مشربهم" (?).

قوله تعالى: {كُلُوا واشربوا مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60]، "أي قلنا لهم: كلوا من المنّ والسلوى، واشربوا من هذا الماء، من غير كدّ منكم ولا تعب، بل هو من خالص إِنعام الله" (?).

قال الثعلبي: " أي قلنا لهم: كلوا من المنّ، واشربوا من الماء فهذا كلّه من رزق الله الذي بلا مشقة ولا مؤنة ولا تبعة" (?).

قال المراغي: " أي وقلنا لهم كلوا مما رزقناكم من المنّ والسلوى واشربوا مما فجرنا لكم من الماء من الحجر الصّلد" (?).

قال أبو حيان: ولما كان مطعومهم ومشروبهم لا كلفة عليهم ولا تعب في تحصيله حسنت إضافته إلى الله تعالى، وإن كانت جميع الأرزاق منسوبة إلى الله تعالى، سواء كانت مما تسبب العبد في كسبها أم لا، واختص بالإضافة للفظ الله، إذ هو الاسم العلم الذي لا يشركه فيه أحد، الجامع لسائر الأسماء {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ}، {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِا قُلِ اللَّهُ}، {اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُا}، و {مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالارْضِ}، {مَّعَ اللَّهِ بَلْ}؟ " (?).

وقوله تعالى: {مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60]، يحتمل وجهين من التفسير (?):

الأول: يريد به ما رزقهم الله من المن والسلوى وماء العيون، "فهذا كلّه من رزق الله الذي بلا مشقة ولا مؤنة ولا تبعة" (?).

والثاني: قيل الماء وحده، لأنه يشرب ويؤكل مما ينبت به.

قال أبو حيان: " وهذا القول يكون فيه من رزق الله، يجمع فيه بين الحقيقة والمجاز، لأن الشرب من الماء حقيقة، والأكل لا يكون إلا مما نشأ من الماء، لا أن الأكل من الماء حقيقة" (?).

قلت والوجه الأخير، وإن كان معناه صحيحاً، إلا أن فيه تكلف لسنا بحاجة إليه، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015