ومنه قول الآخر (?):

فأبعثها وهيَّ صنيعُ حول ... كركن الرَّعنِ، ذِعْلِبَةً وَقاحا

والثاني: أن البعث: الإرسال، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى} [الأعراف: 103]، و [يونس: 75].

والثالث: وقيل: أن أصله: الإفاقة من الغشي أو النوم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19].

والرابع: وقد تأتي بمعنى: التعليم من بعد الجهل، قال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: 56] أي: "علمناكم من بعد جهلكم" (?).

والقدر المشترك بين هذه المعاني هو إزالة ما يمنع عن التصرف (?).

والقول الأول أصح، وهو اختيار الإمام القرطبي، لأن الأصل الحقيقة، وكان موت عقوبة، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} على ما يأتي [البقرة: 243].

واختلف في قوله {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ} [البقرة: 56]، على قولين (?):

أحدهما: أن المراد: ثم أحييناكم. يعني: إحياؤهم بعد موتهم لاستكمال آجالهم، وهذا قول قتادة (?)، والربيع بن أنس (?).

والثاني: أن المراد: ثم بعثناكم أنبياء. يعني: أنهم بعد الإحياء سألوا أن يبعثوا أنبياء فبعثهم الله أنبياء، وهذا قول السُّدِّيِّ (?).

والصحيح هو الجمع بين القولين، فيكون تفسير الآية: {فأخذتكم الصاعقة}، ثم أحييناكم {من بعد موتكم}، {وأنتم تنظرون}، إلى إحيائنا إياكم من بعد موتكم، {ثم بعثناكم}، أنبياء {لعلكم تشكرون} " (?).

قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: 56]، أي: "من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم" (?).

قال الثعلبي: "أي: "لتستوفوا بقيّة آجالكم وأرزاقكم" (?).

قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 56]، أي: "لتشكروا الله سبحانه وتعالى" (?).

قال النسفي: " نعمة البعث بعد الموت" (?).

قال الصابوني: " أي لتشكروا الله على إِنعامه عليكم بالبعث بعد الموت" (?).

قال النحاس: وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبعث من قريش، واحتجاج على أهل الكتاب إذ خبروا بهذا، والمعنى {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ما فعل بكم من البعث بعد الموت" (?).

وذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 56]، وجهين (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015