أحدهما: أن الشكر خاص، لنعمة البعث بعد الموت.

والثاني: أن الشكر عام، على هذه النعمة وسائر نعمه التي أسداها إليهم (?).

والثالث: أن المعنى: لعلكم تشكرون نعمة الله بعدما كفرتموها إذا رأيتم بأس الله في رميكم بالصاعقة وإذاقتكم الموت.

والرابع: وقيل: الشكر على إنزال التوراة التي فيها ذكر توبته عليهم، وتفصيل شرائعه، بعد أن لم يكن شرائع. ضعّفه أبو حيان وقال: "وهذا بعيد" (?).

والصحيح أن لفظ الشكر عام، "يتناول جميع الطاعات لقوله تعالى: {اعْمَلُواءَالَ دَاوُادَ شُكْرًا} [سبأ: 13] " (?).

قال ابن كثير: "وهذا السياق يدل على أنهم كلفوا بعد ما أحيوا" (?).

وقال الماوردي واختلف في بقاء تكليف من أعيد بعد موته ومعاينته الأحوال المضطرة إلى المعرفة، على قولين (?):

أحدهما: أنه سقط التكليف عنهم لمعاينتهم الأمر جهرة حتى صاروا مضطرين إلى التصديق.

والثاني: أنهم مكلفون لئلا يخلو عاقل من تكليف.

قال القرطبي: "والأول أصح فإن بني إسرائيل قد رأوا الجبل في الهواء ساقطا عليهم والنار محيطة بهم وذلك مما اضطرهم إلى الإيمان وبقاء التكليف ثابت عليهم ومثلهم قوم يونس. ومحال أن يكونوا غير مكلفين. والله أعلم" (?).

قال الزجاج: " وفي هذه الآية ذكر البعث بعد موت وقع في الدنيا، مثل قوله تعالى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: 259]، ومثل قوله عزَّ وجلَّ: {فَقَالَ لَهُم اللَّهُ مُوتوا ثم أحْيَأهُمْ} [البقرة: 243]، وذلك احتجاج على مشركي العرب الذين لمْ يكُونوا مُوقنين بالبعث، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأخبار عمن بعث بعد الموت في الدنيَا مما توافقه عليه إليهود والنصارى، وأرباب الكتب فاحتج- صلى الله عليه وسلم - بحجة اللَّه التي يوافقه عليها جميع من خالفه من أهلِ الكتب" (?).

قال ابن عثيمين: " وهذه إحدى الآيات الخمس التي في سورة البقرة التي فيها إحياء الله تعالى الموتى؛ والثانية: في قصة صاحب البقرة؛ والثالثة: في الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال الله لهم: {موتوا ثم أحياهم} [البقرة: 243]؛ والرابعة: في قصة الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها، فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه} [البقرة: 259]؛ والخامسة في قصة إبراهيم: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي .. } [البقرة: 260] الآية؛ والله تعالى على كل شيء قدير، ولا ينافي هذا ما ذكر الله في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} [المؤمنون: 15، 16]؛ لأن هذه القصص الخمس، وغيرها. كإخراج عيسى الموتى من قبورهم. تعتبر أمراً عارضاً يؤتى به لآية من آيات الله سبحانه وتعالى؛ أما البعث العام فإنه لا يكون إلا يوم القيامة؛ ولهذا نقول في شبهة الذين أنكروا البعث من المشركين، ويقولون: {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [الأنبياء: 38]، ويقولون: {فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين} [الدخان: 36] نقول: إن هؤلاء مموهون؛ فالرسل لم تقل لهم: إنكم تبعثون الآن؛ بل يوم القيامة؛ ولينتظروا، فسيكون هذا بلا ريب" (?).

الفوائد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015