هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص: 1 - 4]، وقال تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] (?).

ثانياً: مذهب الأشاعرة ومن نحا نحوهم: -

وهؤلاء أثبتوا الرؤية ولكن قالوا: الرؤية ليست إلى جهة، وإنما تكون إدراكاً، فوافقوا السلف فى إثبات الرؤية، وردُّوا قول المعتزلة في أنَّ الرؤية ممتنعة، ووافقوا المعتزلة في أنَّ ليس على العرش رب وأنَّ الله سبحانه ليس في جهة - جهة العلو – خلافاً للسلف الصالح، فقالوا الرؤية لا إلى جهة.

واختلفت عبارات الأشاعرة فى هذه المسألة، فظاهر عبارات الأشعرى إثبات رؤية حقيقية بالأبصار، وذلك خلافاً لأكثر أصحابه.

قال رحمه الله: " لما قال تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]، علمنا أنه لم يرد الانتظار، وإنما أراد نظر الرؤية.، ولما قرن الله عز وجل النظر بذكر الوجه؛ أراد نظر العينين اللتين في الوجه" (?).

وقال أيضاً: "وأجمعوا على أن المؤمنين يرون الله عز وجل يوم القيامة بأعين وجوههم على ما أخبر به تعالى في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23] " (?).

وقال: مذهب أصحاب الحديث وأهل السنة .. أن الله سبحانه يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر .. (?).

هذا هو قول إمام المذهب، أما أتباعه فاختلفوا، فذهب بعضهم إلى قول الأشعري، بينما ذهب كثير منهم إلى أن حقيقة الرؤية مرجعها إلى العلم لا إلى الرؤية البصرية، وبعضهم قال إنه شيء أعطاه الله لعباده المؤمنين في الآخرة يسمى الرؤيا، ورغم تصريح أغلب الأشاعرة بإثبات الرؤية لكنهم يفسرونها بما يدل على عدم الإثبات.

يقول الآمدى: "فالعقل يجوز أن يخلق الله تعالى في الحاسة المبصرة بل وفى غيرها زيادة كشف بذاته وبصفاته على ما حصل منه بالعلم القائم في النفس من غير أن يوجب حدوثا ولا نقصا." (?).

وقد نقل الشهرستانى عن الأستاذ أبى إسحاق أن الرؤية حكمها حكم العلم بخلاف سائر الحواس .. إلى أن قال: "وصار المعنى كالعلم أو هو من جنس العلم وقد تقرر الاتفاق على جواز تعلق العلم به .. " (?).

فتفسير الرؤية بالعلم يعنى نفى الرؤية بالأبصار، وليس في إثباتها إلا إثبات لفظ لا حقيقة له، ولا ريب أن المعتزلة يثبتون العلم بالله يوم القيامة.

ولا شك أن كل من قال من الأشاعرة أن المراد بالرؤية هو العلم، لم يثبت إلا مجرد اللفظ ولا فرق بينه وبين من نفى الرؤية لأنه مراده الرؤية البصرية، فأي فرق بين القولين إذاً؟

بينما ذهبت طائفة من الأشاعرة إلى أن الرؤية هي قوة يجعلها الله في خلقه، وليست هى الرؤية البصرية.

قال البيجورى: الرؤية قوة يجعلها فى خلقه لا يشترط فيها مقابلة المرئى ولا كونه فى جهة ولا حيز ولا غير ذلك .. إلى أن قال: "والحاصل أنه تعالى يرى من غير تكيف بكيفية من الكيفيات المعتبرة في رؤية الأجسام ومن غير إحاطة، بل يحار العبد فى العظمة والجلال فلا يعرف اسمه ولا يشعر بما حوله من الخلائق، فإن العقل يعجز هنالك عن الفهم ويتلاشى" (?).

ومن المعاصرين الشيخ حسن أيوب يقول": فإن الحق أن الرؤية قوة يجعلها الله تعالى في خلقه، لا يشترط فيها الأشعة، ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015