و (الصاعقة) هي "الصوت الشديد من الجو، ثم يكون منها نار فقط، أو عذاب، أو موت، وهي في ذاتها شيء واحد، وهذه الأشياء تأثيرات منها" (?)، و"الصاعة والصاقعة يتقاربان، وهما الهدة الكبيرة، إلا أن الصقع يقال في الأجسام الأرضية، والصعق في الأجسام العلوية.
وقال بعض أهل اللغة: الصاعقة على ثلاثة أوجه (?):
أحدها: الموت، كقوله: {فصعق من في السموات ومن في الأرض} [الزمر /68]، وقوله: {فأخذتهم الصاعقة} [النساء/153].
والثاني: العذاب، كقوله: {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} [فصلت /13].
والثالث: النار، كقوله: {أنذرتكم الصواعق فيصيب بها من يشاء} [الرعد/13].
وقال الإمام الطبري: "وأصل (الصاعقة) كل أمر هائل رآه (المرء) أو عاينه أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب، وإلى ذهاب عقل وغمور فهم، أو فقد بعض آلات الجسم صوتا كان ذلك أو نارا، أو زلزلة، أو رجفا، ومما يدل على أنه قد يكون مصعوقا وهو حي غير ميت، قول الله عز وجل: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143]، يعني مغشيا عليه، ومنه قول جرير بن عطية (?):
وهل كان الفرزدق غير قرد ... أصابته الصواعق فاستدارا
فقد علم أن موسى لم يكن حين غشي عليه وصعق ميتا، لأن الله جل وعز أخبر عنه أنه لما أفاق قال: (تبت إليك) [الأعراف: 143]- ولا شبه جرير الفرزدق وهو حي بالقرد ميتا" (?).
وقد ذكر الطبري مجموعة من الروايات عن سبب قيلهم لموسى ما أخبر الله جل وعز عنهم أنهم قالوا له، من قولهم: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}، وهي روايات غير صحيحة الإسناد (?)، والصواب من القول فيه أن يقال: "إن الله جل ثناؤه قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له: {يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}، كما أخبر عنهم أنهم قالوه. وإنما أخبر الله عز وجل بذلك عنهم الذين خوطبوا بهذه الآيات، توبيخا لهم في كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد قامت حجته على من احتج به عليه، ولا حاجة لمن