قال البغوي: " فلما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان، فحلفا بالله بعد العصر فدفعا الإناء إليهما وإلى أولياء الميت (?)، وكان تميم الداري بعدما أسلم يقول صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء، فأتوب إلى الله وأستغفره، وإنما انتقل اليمين إلى الأولياء لأن الوصيين ادعيا أنهما ابتاعاه.
والوصي إذا أخذ شيئا من مال الميت وقال: إنه أوصى لي به حلف الوارث، إذا أنكر ذلك، وكذلك لو ادعى رجل سلعة في يد رجل فاعترف ثم ادعى أنه اشتراها من المدعي، حلف المدعي أنه لم يبعها منه.
ويروى عن ابن عباس (?) رضي الله عنهما عن تميم الداري قال: كنا بعنا الإناء بألف درهم فقسمتها أنا وعدي، فلما أسلمت تأثمت فأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحلف عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من عدي، ورددت أنا الخمسمائة" (?).
الفوائد:
1 - جواز تنقيب من عليه الحق عن القضية والتدقيق فيها حتى يعثر على حقٍّ فيها؛ لقوله: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا} والعِثار لا يكون إلا بعد التحرِّي.
2 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الشاهدَينِ إذا غيَّرا في الشهادة بزيادة أو نقص أو تبديل فهُما آثمان؛ لقوله: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} وذلك بكون الشهادة غير صحيحة؛ لأن هذا إثمٌ.
3 - الإشارة إلى أن الإرث يكون للأَوْلى فالأَوْلى؛ يؤخذ من قوله: {الْأَوْلَيَانِ} وقد جاء الحديث مقرِّرًا ذلك وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (?).