وذكر بعضهم ما رواه الدارقطني، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين" (?).
واعتلوا من الأثر بما عن أبي جهيم قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلَّمت عليه، فلم يرد عليَّ. فلما فرغ قام إلى حائط فضرب بيديه عليه، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه إلى الحائط فمسح بهما يديه إلى المرفقين، ثم ردَّ عليَّ السلام" (?).
والثالث: أن الحدّ الذي أمر الله أن يبلغ بالتراب إليه في التيمم: الآباط. وهذا قول الزهري (?)، (?)، وحكي نحوه عن أبي بكر (?).
وعلة من قال ذلك: أن الله أمر بمسح اليد في التيمم، كما أمر بمسح الوجه. وقد أجمعوا أن عليه أن يمسح جميع الوجه، فكذلك عليه جميع اليد، ومن طرف الكفّ إلى الإبط يدٌ (?).
واعتلوا من الخبر بما روي عن أبي اليقظان قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلك عقد لعائشة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضاء الصبح، فتغيَّظ أبو بكر على عائشة، فنزلت عليه الرخصة، المسح بالصعيد. فدخل أبو بكر فقال لها: إنك لمباركة! نزل فيك رخصة! فضربنا بأيدينا: ضربة لوجوهنا، وضربة بأيدينا إلى المناكب والآباط" (?).
والراجح-والله أعلم- "أن الحدّ الذي لا يجزئ المتيمم أن يقصِّر عنه في مسحه بالتراب من يديه: الكفان إلى الزّندين، لإجماع الجميع على أن التقصير عن ذلك غير جائز. ثم هو فيما جاوز ذلك مخيّر، إن شاء بلغ بمسحه المرفقين، وإن شاء الآباط. والعلة التي من أجلها جعلناه مخيرًا فيما جاوز الكفين: أن الله لم يحدَّ في مسح ذلك بالتراب في التيمم حدًّا لا يجوز التقصير عنه. فما مسح المتيمم من يديه أجزأه، إلا ما أُجمع عليه، أو قامت الحجة بأنه لا يجزئه التقصير عنه. وقد أجمع الجميعُ على أن التقصير عن الكفين غير مجزئ، فخرج ذلك بالسنة، وما عدا ذلك فمختلف فيه. وإذا كان مختلفًا فيه، وكان الماسح بكفيه داخلا في عموم الآية كان خارجًا مما لزمه من فرض ذلك" (?).
واختلف أهل العلم في الجنب، هل هو ممن دخل في رخصة التيمم إذا لم يجد الماء أم لا؟ ، وفيه قولان (?):
أحدهما: أنه يجوز، وأن حكم الجنب فيما لزمه من التيمم إذا لم يجد الماء، حكم من جاء من الغائط وسائر من أحدَث ممن جُعل التيمم له طهورًا لصلاته. وهو قول الجمهور (?).
وذلك أن للجنب التيمم إذا لم يجد الماء في سفره، بإجماع الحجة على ذلك نقلا عن نبيها صلى الله عليه وسلم، الذي يقطع العذر ويزيل الشك.
وقائلوا هذا المقال: تاوّلوا {أو لامستم النساء}، أو جامعتموهن (?)، وممن تأول الملامسة بالجماع: الإمام عليّ-رضي الله عنه- (?)، وابن عباس (?)، والحسن (?) وقتادة (?)، ومجاهد (?).