الصعيد، ثم مسح بهما أو بها وجهه، أجزأه ذلك، لإجماع جميع الحجَّة على أن المتيمم لو ضرب بيديه الصعيد وهو أرض رمل فلم يعلق بيديه منها شيء فتيمم به، أن ذلك مجزئَه، لم يخالف ذلك من يجوز أن يُعْتَدّ خلافًا، فلما كان ذلك إجماعًا منهم، كان معلومًا أن الذي يراد به من ضَرْب الصعيد باليدين، مباشرةُ الصعيد بهما، بالمعنى الذي أمرً الله بمباشرته بهما، لا لأخْذِ ترابٍ منه" (?).

واختلفوا في المسح باليدين على أقوال:

أحدها: أن حدّ ذلك الكفّان إلى الزَّندين، وليس على المتيمم مسح ما وراء ذلك من الساعدين. وهذا مروي عن عمار (?)، والشعبي والشعبي في أحد قوليه (?)، وعكرمة (?)، ومكحول (?)، وبه قال مالك في أحد قوليه (?)، والشافعي في القديم (?).

وقالوا: أمر الله في التيمم بمسح الوجه واليدين، فما مسح من وجهه ويديه في التيمم أجزأه، إلا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له من أصل أو قياس (?).

وقد روي عن عمار بن ياسر: "أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التيمم، فقال: «مرة للكفين والوجه»، وفي حديث ابن بشر: أن عمارًا سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن التيمم" (?).

وعن ابن أبزى، قال: "جاء رجل إلى عمر فقال: إنّي أجنبت فلم أجد الماء! فقال عمر: لا تصل. فقال له عمار: أما تذكر أنّا في مسيرٍ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجنبت أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعَّكت في التراب وصلَّيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك، وضرَب كفّيه الأرض، ونفخ فيهما، ومسح وجهه وكفيه مرة واحدة؟ " (?).

والثاني: ان حدُّ المسح الذي أمر الله به في التيمم، أن يمسح جميع الوجه واليدين إلى المرفقين. وهذا مروي عن ابن عمر (?)، والحسن (?)، وعامر الشعبي (?)، وسالم بن عبدالله (?)، والشافعي في الجديد (?).

وقالوا: " لأن لفظ اليدين يصدق إطلاقهما على ما يبلغ المنكبين، وعلى ما يبلغ المرفقين، كما في آية الوضوء، ويطلق ويراد بهما ما يبلغ الكفين، كما في آية السرقة: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] قالوا: وحمل ما أطلق هاهنا على ما قيد في آية الوضوء أولى لجامع الطهورية" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015