وتجدر الإشارة بأن الفلاح مرتب على الاتصاف بهذه الصفات، فإن اختلت صفة منها نقص من الفلاح بقدر ما اختل من تلك الصفات، لأن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص (?)، ولولا ذلك ما كان في الجنات درجات.

واختلف فيمن أُرِيدَ بهم، على أربعة أوجه (?):

أحدها: المؤمنون بالغيب من العرب، والمؤمنون بما أنزل على محمد، وعلى من قبله من

سائر الأنبياء هم مؤمنوا أهل الكتاب. قاله ابن مسعود (?).

والثاني: هم مؤمنو العرب وحدهم (?).

والثالث: جميع المؤمنين. قاله أبو العالية (?).

والرابع: وقيل: "هم مؤمنو أهل الكتاب الذين صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وكانوا مؤمنين من قبل بسائر الأنبياء والكتب" (?).

والراجح هو قول ابن مسعود: " لأن الله جل ثناؤه نعت الفريقين بنعتهم المحمود، ثم أثنى عليهم، فلم يكن عز وجل ليخص أحد الفريقين بالثناء، مع تساويهما فيما استحقا به الثناء من الصفات. كما غير جائز في عدله أن يتساويا فيما يستحقان به الجزاء من الأعمال، فيخص أحدهما بالجزاء دون الآخر، ويحرم الآخر جزاء عمله. فكذلك سبيل الثناء بالأعمال، لأن الثناء أحد أقسام الجزاء" (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: سلامة هؤلاء في منهجهم؛ لقوله تعالى: {أولئك على هدًى من ربهم}.

2 - ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ تكون خاصة، وعامة؛ وقد اجتمعا في قوله تعالى عن سحرة فرعون: {آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون} {الأعراف: 121، 122}.

3 - ومنها: أن مآل هؤلاء هو الفلاح؛ لقوله تعالى: {وأولئك هم المفلحون}.

4 - ومنها: أن الفلاح مرتب على الاتصاف بما ذُكر؛ فإن اختلَّت صفة منها نقص من الفلاح بقدر ما اختل من تلك الصفات؛ لأن الصحيح من قول أهل السنة والجماعة، والذي دلّ عليه العقل والنقل، أن الإيمان يزيد، وينقص، ويتجزأ؛ ولولا ذلك ما كان في الجنات درجات: هناك رتب كما جاء في الحديث: "إن أهل الجنة ليتراءون أصحاب الغرف كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق؛ قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال صلى الله عليه وسلم لا؛ والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين" (?)، أي ليست خاصة بالأنبياء

القرآن

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)} [البقرة: 6].

التفسير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015