قال أبو مالك: " {بل طبع الله}، يعني: ختم الله" (?).

قال السمرقندي: " يعني: ختم الله على قلوبهم بكفرهم" (?).

قال عوف: "بلغني في قول الله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف}، قال: قالوا: قلوبنا أوعية للخير، فأكذبهم الله وقال: {بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} " (?).

قال قتادة: " لما بدل القوم أمر الله وقتلوا رسله وكفروا بكتابه ونقضوا الميثاق الذي عليهم، طبع الله على قلوبهم حين فعلوا ذلك" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155]، وجهان:

أحدهما: أنه جعل فيها علامة تدل الملائكة على كفرهم كعلامة المطبوع، وهو قول بعض البصريين (?).

الثاني: ذمهم بأن قلوبهم كالمطبوع عليها التي لا تفهم أبداً ولا تطيع مرشداً، إذ جعل الله مجازاتهم على كفرهم أن طبع على قلوبهم. وهذا قول الزجاج (?).

قال الزمخشري: قوله: " {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}، رد وإنكار لقولهم (قلوبنا غلف) فكان متعلقا به، وذلك أنهم أرادوا بقولهم: {قلوبنا غلف} أن الله خلق قلوبنا غلفا، أى في أكنة لا يتوصل إليها شيء من الذكر والموعظة، كما حكى الله عن المشركين وقالوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] ... ، فقيل لهم: بل خذلها الله ومنعها الألطاف بسبب كفرهم، فصارت كالمطبوع عليها، لا أن تخلق غلفا غير قابلة للذكر ولا متمكنة من قبوله" (?).

قوله تعالى: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155]، أي: " فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم" (?).

قال السمرقندي: " أي" لا يؤمنون إلا قليل منهم" (?).

قال النسفي: " كعبد الله بن سلام وأصحابه" (?).

قال القرطبي: " أي: إلا إيمانا قليلا، أي: ببعض الأنبياء، وذلك غير نافع لهم" (?).

وفي قوله تعالى: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155]، ثلاثة وجوه:

أحدها: أن القليل منهم يؤمن بالله. وهذا قول قتادة (?).

الثاني: لا يؤمنون إلا بقليل، وهو إيمانهم ببعض الأنبياء دون جميعهم (?).

والثالث: وقال مقاتل: " يقول: ما أقل ما يؤمنون، فإنهم لا يؤمنون البتة" (?).

الفوائد:

1 - بيان جرائم اليهود.

2 - نقضهم العهود والمواثيق وخاصة عهدهم بالعمل بها في التوراة.

3 - قولهم قلوبنا غلف حتى لا يقبلوا دعوة الإسلام، وما أراد الرسول إعلامهم به وكذبهم الله تعالى في هذه الدعوى، وأخبر أن لا أغطية على قلوبهم، ولكن طبع الله تعالى عليها بسبب ذنوبهم فران عليها الران فمنعها من قبول الحق اعتقاداً وقولاً وعملاً، هذا ما تضمنته الآية الأولى، وهي قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} والباء سببية والميم صلة والأصل، فبنقضهم، أي: بسبب نقضهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم. {فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً} أي: إيماناً قليلاً؛ كلإيمانهم بموسى وهارون والتوراة والزبور مثلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015