فلعنَّاهم بسبب نقضهم للعهود، وكفرهم بآيات الله الدالة على صدق رسله، وقتلهم للأنبياء ظلمًا واعتداءً، وقولهم: قلوبنا عليها أغطية فلا تفقه ما تقول، بل طمس الله عليها بسبب كفرهم، فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.
قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: 155]، أي: " فبسبب نقضهم للعهود لعنّاهم وأذللناهم" (?).
قال الفراء: " المعنى: فبنقضهم" (?).
قال قتادة: " فبنقضهم ميثاقهم" (?).
قال مقاتل: " يعني: فبنقضهم إقرارهم بما في التوراة" (?).
قال الطبري: أي: " فبنقض هؤلاء الذين وصفتُ صفتهم من أهل الكتاب، عهودهم التي عاهدوا الله أن يعملوا بما في التوراة" (?).
قال القرطبي: " ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-" (?).
قال الزجاج: " وتأويل «نقضهم ميثاقهم»، أن الله عز وجل أخذ عليهم الميثاق في أن يبينوا ما أنزل عليهم من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم – وغيره، قال الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187] " (?).
قوله تعالى: {وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النساء: 155]، أي: "وبجحودهم بآيات الله الدالة على صدق رسله" (?).
قال مقاتل: " يعني: الإنجيل والقرآن، وهم اليهود" (?).
قال السمرقندي: " يعني: بكفرهم بآيات الله لعنهم الله وخذلهم" (?).
قال الطبري: "يقول: وجحودهم بأعلام الله وأدلته التي احتج بها عليهم في صدق أنبيائه ورسله وحقيقة ما جاءوهم به من عنده" (?).
قال مجاهد: " الآيات: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ويده وعصاه" (?).
وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنه -: " وكفرهم بآيات الله من بعد ما تبينت " (?).
قوله تعالى: {وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [النساء: 155]، أي: " وقتلهم للأنبياء ظلمًا واعتداءً" (?).
قال السمرقندي: " يعني: وبقتلهم الأنبياء بغير جرم" (?).
قال الطبري: " يقول: وبقتلهم الأنبياء بعد قيام الحجة عليهم بنبوّتهم، بغير استحقاق منهم ذلك لكبيرة أتوها، ولا خطيئة استوجبوا القتل عليها " (?).
قال ابن مسعود: " كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي، ثم يقوم سوق لهم من آخر النهار" (?).
ذكر الماتريدي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: قال: " كانوا يقتلون الأنبياء، وأما الرسل - عليهم السلام - فكانوا معصومين، لم يقتل رسول قط؛ ألا ترى أنه قال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} (?)، وقال - عز وجل -: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} (?) " (?).