قال ابن عرفة: " عبر عنهم بلفظ المضارع، ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 152]، فعبر بلفظ الماضي؛ لأن الإيمان مأمور مطلوب به فجعل كالواقع المحقق، والكفر منهي محنه فجعل كأنه لم يقع" (?).
قوله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 150]، أي: " ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله" (?).
قال ابن عطية: " وفرقوا بين الله ورسله في أنهم قالوا: نحن نؤمن بالله ولا نؤمن بفلان وفلان من الأنبياء" (?).
قال القرطبي: " أي: بين الإيمان بالله ورسله، فنص سبحانه على أن التفريق بين الله ورسله كفر، وإنما كان كفرا لأن الله سبحانه فرض على الناس أن يعبدوه بما شرع لهم على ألسنة الرسل، فإذا جحدوا الرسل ردوا عليهم شرائعهم ولم يقبلوها منهم، فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أمروا بالتزامها، فكان كجحد الصانع سبحانه، وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية. وكذلك التفريق بين رسله في الإيمان بهم كفر" (?).
قال ابن جريج: " اليهود والنصارى. آمنت اليهود بعُزَير وكفرت بعيسى، وآمنت النصارى بعيسى وكفرت بعزَير، وكانوا يؤمنون بالنبيّ ويكفرون بالآخر" (?).
قال السدي: " يقولون: محمد ليس برسولٍ لله! وتقول اليهود: عيسى ليس برسولٍ لله! فقد فرَّقوا بين الله وبين رسله" (?).
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء: 150]، أي: ويقولون: " نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض" (?).
قال ابن عطية: " قيل: معناه من الأنبياء، وقيل: هو تصديق بعضهم لمحمد في أنه نبي، لكن ليس إلى بني إسرائيل، ونحو هذا من تفريقاتهم التي كانت تعنتا وروغانا" (?).
قال القرطبي: " وهم اليهود آمنوا بموسى وكفروا بعيسى ومحمد، وقد تقدم هذا من قولهم في «البقرة». ويقولون لعوامهم: لم نجد ذكر محمد في كتبنا" (?).
قال السدي: " فهؤلاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض" (?).
قوله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [النساء: 150]، أي: " ويريدون أن يتخذوا طريقًا إلى الضلالة التي أحدثوها والبدعة التي ابتدعوها" (?).
قال ابن جريج: " {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا}، قال: دينًا يدينون به الله" (?).
قال ابن كثير: {سبيلا}: " أي: طريقًا ومسلكًا" (?).
قال ابن عطية: " أي: بين الإيمان والإسلام والكفر الصريح المجلح" (?).
قال القرطبي: " أي: يتخذوا بين الإيمان والجحد طريقا، أي دينا مبتدعا بين الإسلام واليهودية" (?).
قال البيضاوي: أي: " طريقا وسطا بين الإيمان والكفر، ولا واسطة: إذ الحق لا يختلف فإن الإيمان بالله سبحانه وتعالى لا يتم إلا بالإيمان برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه تفصيلا أو إجمالا، فالكافر ببعض ذلك كالكافر بالكل في الضلال كما قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32] " (?).