قال الماتريدي: " وقيل: نزلت الآية في أبي بكر - رضي الله عنه - شتمه رجل بمكة، فسكت عنه ما شاء الله، ثم انتصر؛ فقام النبي - صلى الله عليه وسلم – وتركه" (?).

قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، أي: " لا يُحِبُّ الله أن يَجهر أحدٌ بقول السوء، لكن يُباح للمظلوم أن يَذكُر ظالمه بما فيه من السوء; ليبيِّن مَظْلمته" (?).

قال الزجاج: " المعنى: أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكيا، والظالم يجهر بالسوء من القول ظلما واعتداء" (?).

قال الزمخشري: " استثنى من الجهر الذي لا يحبه الله جهر المظلوم. وهو أن يدعو على الظالم ويذكره بما فيه من السوء" (?).

قال ابن عطية: " المحبة في الشاهد إرادة يقترن بها استحسان وميل اعتقاد، فتكون الأفعال الظاهرة من المحب بحسب ذلك، والجهر بالسوء من القول لا يكون من الله تعالى فيه شيء من ذلك، أما أنه يريد وقوع الواقع منه ولا يحبه هو في نفسه. والجهر: كشف الشيء، ومنه الجهرة في قول الله تعالى: {أرنا الله جهرة} [النساء: 53]، ومنه قولهم: جهرت البير، إذا حفرت حتى أخرجت ماءها" (?).

وفي قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، وجوه:

أحدها: يعني إلا أن يكون مظلوماً فيدعو على من ظلمه، وهذا قول ابن عباس (?)، والحسن (?)، واختاره الثعلبي (?).

قال ابن عطية: " قول الحسن دعاء في المدافعة، وتلك أقل منازل السوء من القول، وقول ابن عباس الدعاء على الظالم بإطلاق في نوع الدعاء" (?).

والثاني: إلا أن يكون مظلوماً فيجهر بظلم من ظلمه، وهذا قول مجاهد (?).

والثالث: إلا من ظلم فانتصر من ظالمه، وهذا قول الحسن (?)، والسدي (?).

والرابع: إلا أن يكون ضيفاً، فينزل على رجل فلا يحسن ضيافته، فلا بأس أن يجهر بذمه، وهذا مروي عن مجاهد أيضا (?)، واختاره الفراء (?).

قال الماتريدي: " وإلى هذا يذهب أكثر المتأولين، لكنه بعيد" (?).

قال الجصاص: " قال أبو بكر: إن كان التأويل كما ذكر فقد يجوز أن يكون ذلك في وقت كانت الضيافة واجبة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة» (?)، وجائز أن يكون فيمن لا يجد ما يأكل فيستضيف غيره فلا يضيفه فهذا مذموم يجوز أن يشكى" (?).

والخامس: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتري عليه. وهذه رواية ابن عمر عن عبدالكريم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015