: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرًا عظيمًا} " (?).
الفوائد:
1 - أن التائب من المنافقين مع المؤمنين وله ثوابهم.
2 - التوبة تجب ما قبلها حتى إن التائب من ذنبه كمن لا ذنب له ومهما كان الذنب الذي غشيه.
3 - أن الله تعالى خص الاعتصام والإخلاص بالذكر، مع دخولهما في قوله: {وأصلحوا} لأن الاعتصام والإخلاص من جملة الإصلاح، لشدة الحاجة إليهما خصوصا في هذا المقام الحرج الذي يمكن من القلوب النفاق، فلا يزيله إلا شدة الاعتصام بالله، ودوام اللجأ والافتقار إليه في دفعه، وكون الإخلاص منافيا كل المنافاة للنفاق، فذكرهما لفضلهما وتوقف الأعمال الظاهرة والباطنة عليهما، ولشدة الحاجة في هذا المقام إليهما (?).
القرآن
{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [النساء: 147]
التفسير:
ما يفعل الله بعذابكم إن أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله، فإن الله سبحانه غني عمَّن سواه، وإنما يعذب العباد بذنوبهم. وكان الله شاكرًا لعباده على طاعتهم له، عليمًا بكل شيء.
قوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147]، أي: " ما يفعل الله بعذابكم إن أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله" (?).
قال مقاتل: " {إن شكرتم}، نعمته، {وآمنتم}، يعني: صدقتم، فإنه لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا" (?).
قال الماتريدي: أي: " أن ليس لله - عز وجل - حاجة في تعذيبه إياكم إن صدقتم وآمنتم، ولكن الحكمة توجب تعذيب من كفر به؛ وإلا ليس له حاجة في تعذيبكم" (?).
قال السمرقندي: " أي: ما يصنع الله بعذابكم إن شكرتم يعني إن آمنتم بالله تعالى ووحدتموه، ويقال: معناه ما حاجة الله إلى تعذيبكم لو كنتم موحدين شاكرين له وآمنتم به وصدقتم رسله" (?).
قال الزمخشري: " أيتشفى به من الغيظ، أم يدرك به الثار، أم يستجلب به نفعا، أم يستدفع به ضررا كما يفعل الملوك بعذابهم، وهو الغنى الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك. وإنما هو أمر أوجبته الحكمة أن يعاقب المسيء، فإن قمتم بشكر نعمته وآمنتم به فقد أبعدتم عن أنفسكم استحقاق العذاب" (?).
قال السمعاني: " هذا استفهام بمعنى التقرير، ومعناه: لا يعذب الله المؤمن الشاكر، وتقدير قوله: {إن شكرتم وآمنتم}، أي: إن آمنتم وشكرتم، والشكر ضد الكفر، والكفر: ستر النعمة والشكر: إظهار النعمة" (?).
قال الراغب: " أي: تعالى الله عن عذابكم، فلا يعذبكم إذا عرفتم ووفيتم حقها" (?).
قال ابن كثير: " قال -مخبرًا عن غناه عما سواه، وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم-، فقال: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} أي: أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله " (?).
قال البغوي: " أي: إن شكرتم نعماءه {وآمنتم} به، فيه تقديم وتأخير، تقديره: إن آمنتم وشكرتم، لأن الشكر لا ينفع مع عدم الإيمان، وهذا استفهام بمعنى التقرير، معناه: إنه لا يعذب المؤمن الشاكر، فإن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه، والشكر: ضد الكفر والكفر ستر النعمة، والشكر: إظهارها" (?).