أما أكثر الكفار فقد غلب عليهم الجهل بحقيقة التوحيد، فهم مع إيمانهم بالله يشركون به غيره، من صنم أو وثن يتخذونه شفيعا عنده ووسيطا بينه وبينه، وقد قاسوا ذلك على معاملة الملوك المستبدين، والأمراء الظالمين (?).

4 - قال السعدي: " وهذا عام لكل منافق إلا من من الله عليهم بالتوبة من السيئات" (?).

القرآن

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)} [النساء: 146]

التفسير:

إلا الذين رجعوا إلى الله تعالى وتابوا إليه، وأصلحوا ما أفسدوا من أحوالهم باطنًا وظاهرًا، ووالوا عباده المؤمنين، واستمسكوا بدين الله، وأخلصوا له سبحانه، فأولئك مع المؤمنين في الدنيا والآخرة، وسوف يعطي الله المؤمنين ثوابًا عظيمًا.

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النساء: 146]، أي: " إلا الذين رجعوا إلى الله تعالى وتابوا إليه" (?).

قال البغوي: أي: " من النفاق وآمنوا" (?).

قال الطبري: " أي: راجعوا الحق، وآبوا إلا الإقرار بوحدانية الله وتصديق رسوله وما جاء به من عند ربه من نفاقهم" (?).

قوله تعالى: {وَأَصْلَحُوا} [النساء: 146]، أي: " وأصلحوا ما أفسدوا من أحوالهم باطنًا وظاهرًا" (?).

قال البغوي: أي: " عملهم" (?).

قال الطبري: " يعني: وأصلحوا أعمالهم، فعملوا بما أمرهم الله به، وأدَّوا فرائضه، وانتهوا عما نهاهم عنه، وانزجروا عن معاصيه" (?).

قوله تعالى: {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} [النساء: 146]، أي: " واستمسكوا بدين الله" (?).

قال الثعلبي والبغوي: أي: "وثقوا بالله" (?).

قال الطبري: " يقول: وتمسَّكوا بعهد الله" (?).

و«الاعتصام»: "التمسك والتعلق، فالاعتصام بالله: التمسك بعهده وميثاقه الذي عهد في كتابه إلى خلقه، من طاعته وترك معصيته" (?).

قوله تعالى: {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء: 146]، أي: " وأخلصوا له سبحانه" (?).

قال الزمخشري: أي: " لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه" (?).

قال البغوي: " أراد الإخلاص بالقلب، لأن النفاق كفر القلب، فزواله يكون بإخلاص القلب" (?).

قال الطبري: " يقول: وأخلصوا طاعتَهم وأعمالهم التي يعملونها لله، فأرادوه بها، ولم يعملوها رئاءَ الناس، ولا على شك منهم في دينهم، وامتراءٍ منهم في أن الله محصٍ عليهم ما عملوا، فمجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته ولكنهم عملوها على يقين منهم في ثواب المحسن على إحسانه، وجزاء المسيء على إساءته، أو يتفضَّل عليه ربه فيعفو متقرِّبين بها إلى الله، مريدين بها وجه الله" (?).

قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146]، أي: " فأولئك في زمرتة المؤمنين يوم القيامة" (?).

قال الطبري: " يقول: فهؤلاء الذين وصف صفتَهم من المنافقين بعد توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم أي: مع المؤمنين في الجنة، لا مع المنافقين الذين ماتوا على نفاقهم، الذين أوعدهم الدَرَك الأسفل من النار" (?).

قال الزمخشري: أي: " فهم أصحاب المؤمنين ورفقاؤهم في الدارين" (?).

قال الثعلبي: أي: " على دينهم" (?).

قال ابن كثير: " أي: في زمرتهم يوم القيامة" (?).

قال الفراء: {معَ الْمُؤْمِنِينَ}، تفسيره من المؤمنين" (?).

قال القتيبي: حاد عن كلامهم غيظا عليهم فقال {فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، ولم يقل فأولئك هم المؤمنون" (?).

قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146]، أي: " وسوف يعطي الله المؤمنين ثوابًا عظيمًا" (?).

قال الزمخشري: أي: " فيشاركونهم فيه ويساهمونهم" (?).

قال الثعلبي والبغوي: " يعني: الجنة" (?).

قال الطبري: " وهذا استثناء من الله جل ثناؤه، استثنى التائبين من نفاقهم إذا أصلحوا، وأخلصوا الدين لله وحده، وتبرءوا من الآلهة والأنداد، وصدَّقوا رسوله، أن يكونوا مع المصرِّين على نِفاقهم حتى تُوافيهم مناياهم - في الآخرة، وأن يدخلوا مدَاخلهم من جهنم. بل وعدهم جل ثناؤه أن يُحلَّهم مع المؤمنين محلَّ الكرامة، ويسكنهم معهم مساكنهم في الجنة، ووعدهم من الجزاء على توبتهم الجزيلَ من العطاء فقال: {وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرًا عظيمًا}، يقول: وسوف يُعطي الله هؤلاء الذين هذه صفتهم، على توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم له، وعلى إيمانهم، ثوابًا عظيمًا وذلك: درجات في الجنة، كما أعطى الذين ماتوا على النِّفاق منازل في النار، وهي السفلى منها. لأن الله جل ثناؤه وعد عباده المؤمنين أن يؤتيهم على إيمانهم ذلك، كما أوعد المنافقين على نفاقهم ما ذكر في كتابه " (?).

قال السمرقندي: " ثم قال بعد هذا كله: {فأولئك مع المؤمنين}، ولم يقل: هم المؤمنون، ثم قال: {وسوف يؤت الله المؤمنين}، ولم يقل: سوف يؤتيهم الله، بغضا لهم وإعراضا عنهم، والمنافقون هم الزنادقة والقرامطة الذين هم بين المؤمنين، يظهرون من أنفسهم الإسلام وإذا اجتمعوا فيما بينهم يسخرون بالإسلام وأهله، فهم من أهل هذه الآية ومأواهم الهاوية" (?).

عن إبراهيم قال، قال حذيفة: "ليدخلن الجنة قوم كانوا منافقين! فقال عبد الله: وما علمك بذلك؟ فغضب حذيفة، ثم قام فتنحَّى. فلما تفرّقوا، مرَّ به علقمة فدعاه فقال: أمَا إنّ صاحبك يعلم الذي قلت! ثم قرأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015