فالتيمم في اللغة هو: "القصد. تقول العرب: تيممك الله بحفظه، أي: قصدك. ومنه قول امرئ القيس (?):
وَلَمَّا رَأتْ أنَّ المَنِية ورِدُها ... وأن الحصَى من تحت أقدامها دَامِ
تيممت العين التي عند ضارج (?) ... يفيء عليها الفيء عَرْمَضها طام (?)
قال الزجاج: " معنى تيمموا أقصدوا، والصعيد وجه الأرض، فعلى الإنسان في التيمم أن يضرب بيديه ضربة واحدة فيمسح بهما جميعا وجهه، وكذلك يضرب ضربة واحدة، فيمسح بهما يديه، و «الطيب» هو النظيف الطاهر، ولا يبالي أكان في الموضع تراب أم لا، لأن الصعيد ليس هو التراب، إنما هو وجه الأرض، ترابا كان أو غيره. ولو أن أرضا كانت كلها صخرا لا تراب عليها ثم ضرب المتيمم يده على ذلك الصخر لكان ذلك طهورا إذا مسح به وجهه، قال الله عز وجل -: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} (?)، فأعلمك أن الصعيد يكون زلقا، والصعدات الطرقات، وإنما سمي صعيدا، لأنها نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض، لا أعلم بين أهل اللغة اختلافا في أن الصعيد وجه الأرض" (?).
وفي الصعيد أربعة أقاويل:
أحدها: أنها الأرض الملساء التي لا نبات فيها ولا غِراس، وهو قول قتادة (?).
والثاني: أنها الأرض المستوية، وهو قول ابن زيد (?).
والثالث: هو التراب، وهو قول عليّ، وابن مسعود، وعمرو بن قيس الملائي (?)، والشافعي، وأحمد بن حنبل وأصحابهما (?).
واحتجوا بقوله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] أي: ترابا أملس طيبا، وبما ثبت في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء» (?)، وفي لفظ: "وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء". قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان، فلو كان غيره يقوم مقامه لذكره معه (?).
والرابع: أنه وجه الأرض ذات التراب والغبار (?)، وهذا قول أبي عبيدة (?)، ومنه قول ذي الرُّمة (?):
كَأنَّهُ بِالضُّحَى تَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ ... دَبَّابَةٌ في عِظَامِ الرَّأسِ خُرْطُومُ
يعني: تضرب به وجه الأرض (?).
وفي قراءة عبدالله: {فَأُمُّوا صَعِيدًا} (?).
وفي قوله تعالى: {طَيِّبًا} [النساء: 43]، أربعة أقاويل: