قال الزمخشري: أي: " ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل عطاء عظيما وسماه (أجرا) لأنه تابع للأجر لا يثبت إلا بثباته" (?).

قال ابن عمر: "نزلت هذه الآية: {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}، بعد الأضعاف، وإذا قال لشيء: عظيم، فهو عظيم" (?).

واختلف أهل التفسير في الذين وعدهم الله بهذه الآية ما وعدهم فيها، على قولين:

أحدهما: أنهم جميع أهل الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم. قال أبو عثمان النهدي: "لقيت أبا هريرة فقلت له: إنه بلغني أنك تقول: إن الحسنة لتُضَاعف ألفَ ألف حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سمعته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة! " (?).

والثاني: ان ذلك خاص بالمهاجرون، دون أهل البوادي والأعراب. وهذا قول عبدالله بن عمير (?).

واختار الطبري القول الثاني: وقال: ": وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: " عُنى بهذه الآية المهاجرون دون الأعراب "، وذلك أنه غير جائز أن يكون في أخبار الله أو أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم شيء يدفع بعضه بعضًا. فإذْ كان صحيحًا وعْدُ الله من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة من الجزاء عشرَ أمثالها، وَمنْ جاء بالحسنة منهم أن يضاعفها له وكان الخبرَان اللذان ذكرناهما عنه صلى الله عليه وسلم صحيحين كان غيرَ جائز إلا أن يكون أحدُهما مجملا والآخر مفسَّرًا، إذ كانت أخبارُه صلى الله عليه وسلم يصدِّق بعضها بعضًا. وإذ كان ذلك كذلك، صحّ أن خبرَ أبي هريرة معناهُ أنّ الحسنة لَتُضاعف للمهاجرين من أهل الإيمان ألفي ألفُ حسنة، وللأعراب منهم عشر أمثالها، على ما رَوَى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، يعني: من جاء بالحسنة من أعراب المؤمنين فله عشر أمثالها، ومن جاء بالحسنة من مهاجريهم يُضاعف له ويؤته الله من لدنه أجرًا يعني يعطه من عنده {أجرًا عظيمًا}، يعني: عِوَضًا من حسنته عظيمًا، وذلك " العوض العظيم " (?).

الفوائد:

1 - بيان عدالة الله تعالى، إذ يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله وتنزهه عما يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير فقال: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة}.

2 - تنزه الله جل وعلا عن الظلم، ويعتقد السلف أن الله عزوجل له القدرة المطلقة والسيادة المطلقة، وأنه جل وعلا منزه عن الظلم، فقد حرم الظلم على نفسه مع قدرته جل وعلا على كل شيء (?).

3 - بيان رحمته تعالى ومزيد فضله.

القرآن

{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41]

التفسير:

فكيف يكون حال الناس يوم القيامة، إذا جاء الله من كل أمة برسولها ليشهد عليها بما عملت، وجاء بك -أيها الرسول- لتكون شهيدًا على أمتك أنك بلغتهم رسالة ربِّك؟

قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41]، أي: " فكيف يكون حال الناس يوم القيامة، إذا جاء الله من كل أمة برسولها ليشهد عليها بما عملت" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015