إن الله تعالى لا ينقص أحدًا من جزاء عمله مقدار ذرة، وإن تكن زنة الذرة حسنة فإنه سبحانه يزيدها ويكثرها لصاحبها، ويتفضل عليه بالمزيد، فيعطيه من عنده ثوابًا كبيرًا هو الجنة.

في سبب نزول الآية:

أخرج الطبري وسعيد بن منصور (?)، وابن المنذر (?)، وابن أبي حاتم (?)، والطبراني (?)، عن عبد الله بن عمير قال: "نزلت هذه الآية، في الأعراب: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [سورة الأنعام: 60] قال: فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال، ما هو أعظم من ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}، وإذا قال الله لشيء: «عظيم»، فهو عظيم" (?).

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، أي: إن الله " لا يبخس أحداً من عمله شيئاً ولو كان وزن ذرة" (?).

قال قتادة: " لأنْ تفضُل حسناتي في سيئاتي بمثقال ذرّة، أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها" (?)، وفي رواية أخرى: " كان بعض أهل العلم يقول: لأنْ تفضُل حسناتي على سيئاتي ما يزن ذَرّة أحب إليّ من أن تكون لي الدنيا جميعًا" (?).

قال ابن عباس: " {مثقال ذرة}، قال: رأس نَملة حَمراء" (?). وفي رواية اخرى: " أنه أدخل يده في التراب فرفعه ثم نفخ فيه فقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة" (?).

قال الزمخشري: " الذرة: النملة الصغيرة ... وفيه دليل على أنه لو نقص من الأجر أدنى شيء وأصغره، أو زاده في العقاب لكان ظلما، وأنه لا يفعله لاستحالته في الحكمة لا لاستحالته في القدرةوفي قراءة عبد الله: مثقال نملة" (?). " (?).

قال السدي: " وزن ذرة " (?).

قال أبو عبيدة: " عبيدة: " {مثقال ذرة}، أي: زنة ذرة " (?).

قال يزيد بن هارون: "زعموا أن هذه الذرّة الحمراء، ليس لها وزن" (?).

وقيل: "كل جزء من أجزاء الهباء في الكوة ذرة" (?).

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة"، قال: "وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا" (?).

يؤخذ بيد العبد والأمة يومَ القيامة، فينادي منادٍ على رؤوس الأولين والآخرين: " هذا فلان بن فلان، من كان له حق فليأت إلى حقه "، فتفرح المرأة أنْ يَذُوب لها الحق على أبيها، أو على ابنها، أو على أخيها، أو على زوجها، ثم قرأ ابن مسعود: {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [سورة المؤمنون: 101]، فيغفر الله تبارك وتعالى من حقه ما شاء، ولا يغفر من حقوق الناس شيئًا، فينصبُ للناس فيقول: " ائتوا إلى الناس حقوقهم "! فيقول: " رب فنيت الدنيا، من أين أوتيهم حقوقهم؟ فيقول: " خذوا من أعماله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015