عنى معه ترك ما تقتضيه هذه المعرفة، تنبيها أن المنفق رياء لو كان له حقيقة إيمان لتذكر في تناول ما يتناوله، ولأداه ذلك إلى أن يتفكر أين يضعه" (?).

الفوائد:

1 - تضمنت الإنكار والتوبيخ لأولئك المنافقين الذين ينفقون رياء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر بسب فتنة الشيطان لهم وملازمته إياهم.

2 - فكما أن من بخل بما آتاه الله، وكتم ما من به الله عليه عاص آثم مخالف لربه، فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله فإنه آثم عاص لربه مستوجب للعقوبة، لأن الله إنما أمر بطاعته وامتثال أمره على وجه الإخلاص، كما قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} فهذا العمل المقبول الذي يستحق صاحبه المدح والثواب (?).

3 - أن الإيمان بالله وباليوم الآخر هو الذي يمنع المرء من الرياء (?).

القرآن

{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39)} [النساء: 39]

التفسير:

وأيُّ ضرر يلحقهم لو صدَّقوا بالله واليوم الآخر اعتقادًا وعملا وأنفقوا مما أعطاهم الله باحتساب وإخلاص، والله تعالى عليم بهم وبما يعملون، وسيحاسبهم على ذلك.

قوله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} [النساء: 39]، "أي: ماذا يضيرهم وأي تبعةٍ وبالٍ عليهم في الإِيمان بالله والإِنفاق في سبيله؟ " (?).

نقل الواحدي عن ابن عباس في قوله {لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، قال: " يريد بنية صادقة، يصدِّق القلبُ اللسان، ويصدق اللسانُ القلب" (?).

قال الشوكاني: " أي: وماذا يكون عليهم من ضرر لو فعلوا ذلك" (?).

قال ابن أبي زمنين: " {وأنفقوا مما رزقهم الله} يعني: الزكاة الواجبة، قوله {وماذا عليهم} المعنى: أي شيء عليهم؟ " (?).

قال الزجاج: "المعنى: وما الذي عليهم {لوآمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله}، هذا يدل على أن الذين يبخلون {يبخلون} بما علموا" (?).

قال النسفي: " المراد الذم والتوبيخ وإلا فكل منفعة ومصلحة فى ذلك وهذا كما يقال للعاق وما فرك لو كنت باراً وقد علم أنه لا مضرة في البر ولكنه ذم وتوبيخ" (?).

قال ابن كثير: " أي: وأيّ شيء يَكرثُهم لو سلكوا الطريق الحميدة، وعَدَلُوا عن الرياء إلى الإخلاص والإيمان بالله، ورجاء موعوده في الدار الآخرة لمن أحسن عملا وأنفقوا مما رزقهم الله في الوجوه التي يحبها الله ويرضاها" (?).

قال الزمخشري: "أي: وأى تبعة ووبال عليهم في الايمان والإنفاق في سبيل الله والمراد الذم والتوبيخ. وإلا فكل منفعة ومفلحة في ذلك. وهذا كما يقال للمنتقم: ما ضرك لو عفوت. وللعاق: ما كان يرزؤك لو كنت بارا، وقد علم أنه لا مضرة ولا مرزأة في العفو والبر. ولكنه ذم وتوبيخ وتجهيل بمكان المنفعة" (?).

قال البيضاوي: " أي: وما الذي عليهم، أو أي تبعة تحيق بهم بسبب الإيمان والإنفاق في سبيل الله، وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة والاعتقاد في الشيء على خلاف ما هو عليه، وتحريض على الفكر لطلب الجواب لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة، والعوائد الجميلة. وتنبيه على أن المدعو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015