قال الطبري: أي: " ولا يصدقون بوحدانية الله، ولا بالمَعَاد إليه يوم القيامة - الذي فيه جزاء الأعمال - أنه كائن" (?).

قال الزجاج: " وهؤلا يعنى بهم المنافقون، كانوا يظهرون الإيمان ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر" (?).

قوله تعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38]، " أي: ومن كان الشيطان صاحباً له وخليلاً يعمل بأمره فساء هذا القرين والصاحب" (?).

قال الزجاج: " أي: من يكن عمله بما يسول له الشيطان فبئس العمل عمله" (?).

قال الطبري: أي: " ومن يكن الشيطان له خليلا وصاحبًا، يعمل بطاعته، ويتبع أمره، ويترك أمرَ الله في إنفاقه ماله رئاء الناس في غير طاعته، وجحوده وحدانية الله والبعث بعد الممات " فساء قرينًا "، يقول: فساء الشيطان قرينًا" (?).

قال الثعلبي: " قال المفسرون: {فساء قرينا}، أي: يقول: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين" (?).

قال الراغب: " ولم يعن بالشيطان إبليس فقط، بل عناه والهوى، وكل ما دعاه إلى باطل، وصرفه عن حق" (?).

قال الماوردي: " القرين: هو الصاحب الموافق، كما قال عدي بن زيد (?):

عنِ الْمَرْءِ لا تَسْأَلْ، وأبْصِرْ قَرِينَهُ ... فَإنَّ الْقَرِينَ بِالمُقَارِنِ مُقْتَدِ

وأصل القرين من الأقران، والقِرن بالكسر المماثل لأقرانه في الصفة، والقَرْن بالفتح: أهل العصر لاقترانهم في الزمان، ومنه قَرْن البهيمة لاقترانه بمثله " (?).

وفي المراد يكون قريناً للشيطان قولان:

أحدهما: أنه مصاحبِهُ في أفعاله، والمعنى: ومن يكن عمله بما يُسول له الشيطان فبئس العمل عمله. وهذا قول الزجاج (?).

والثاني: أن الشيطان يقترن به في النار، أيي: في الآخرة، يجعل الله الشياطين قرنائهم في النار، يقرن مع كل كافر شيطان في سلاسل النار. وهذا قول الكلبي (?).

قال الزمخشري: " ويجوز أن يكون وعيدا لهم بأن الشيطان يقرن بهم في النار" (?).

قال ابن عطية: " و «القرين»: فعيل، بمعنى فاعل، من المقارنة وهي الملازمة والاصطحاب، وهي هاهنا مقارنة مع خلطة وتواد، والإنسان كله يقارنه الشيطان، لكن الموفق عاص له، ومنه قيل لما يلزمان الإبل والبقر قرينان، وقيل للحبل الذي يشدان به: قرن، قال الشاعر (?):

كمدخل رأسه لم يدنه أحد ... بين القرينين حتى لزّه القرن

فالمعنى: ومن يكن الشيطان له مصاحبا وملازما، أو شك أن يطيعه فتسوء عاقبته" (?).

قال الراغب: " ذم في هذه الآية السرف، كما ذم في الأولى البخل، فمن السرف أن يتشبع الإنسان بإنفاقه، فلا ينفقه على ما يجب، وكما يجب فصار الإتيان كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، وليس يعني بقوله: {ولا يؤمنون بالله} جحود ذلك باللسان فقط، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015