أحدها: أنه المسافر المجتاز مَارّاً، وهذا قول مجاهد (?)، وقتادة (?)، والربيع (?).
والثاني: هو الذي يريد سفراً ولا يجد نفقة، وهذا قول الشافعي (?).
والثالث: أنه الضعيف، وهو قول الضحاك (?)، ومجاهد في رواية اخرى (?)، وقتادة في إحدى الروايات (?).
والراجح-والله أعلم- " أن {ابن السبيل}، هو صاحب الطريق و {السبيل}: هو الطريق، وابنه: صاحبه الضاربُ فيه، فله الحق على من مرّ به محتاجًا منقطَعًا به، إذا كان سفره في غير معصية الله، أن يعينه إن احتاج إلى معونة، ويضيفه إن احتاج إلى ضيافة، وأن يحمله إن احتاج إلى حُمْلان" (?).
قال الطبري: " وإنما قيل للمسافر"ابن السبيل"، لملازمته الطريق -والطريق هو"السبيل"- فقيل لملازمته إياه في سفره: "ابنه"، كما يقال لطير الماء"ابن الماء" لملازمته إياه، وللرجل الذي أتت عليه الدهور"ابن الأيام والليالي والأزمنة"، ومنه قول ذي الرمة (?):
وَرَدْتُ اعْتِسَافًا وَالثُّرَيَّا كَأَنَّهَا ... عَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ ابْنُ مَاءٍ مُحَلِّق " (?)
فسماه ابن الماء لملازمته للماء (?).
وقالت طائفة من علماء العربية: إنه إنما قيل له (ابن السبيل) لأن السبيل وهي الطريق كأنها تمخضت لنا عنه ورمتنا به كما ترمي النفساء الناس بولدها، كان غائبا في بطن الطريق فرمتنا به، كما تكون النفساء ولدها غائب في بطنها فترمينا به. وهذا المعنى يوجد في كلامهم، وقد أوضحه مسلم بن الوليد الأنصاري - وإن كان كلامه إنما يذكر مثالا لا استدلالا، لأنه في زمن الدولة العباسية، ولكنه أوضح هذا المعنى - بقوله حيث يقول يذكر رجلا سافر في فلاة من الأرض شهرين إلى أمير ليمدحه قال له (?):
تمخضت عنه تما بعد محمله ... شهرين بيداء لم تضرب ولم تلد
ألقته كالنصل معطوفا على همم ... يعمدن منتجعات خير معتمد
فصرح بأن هذه الفلاة تخمضت عن هذا وولدته وأنتجته، فكذلك الطريق كأنها تتمخض عنه وترميهم به (?).
قال الشنقيطي: " وأكثر العلماء يقولون: سمي «ابن السبيل»، لملازمته للطريق" (?).
قوله تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]، أي: وأحسنوا إلى" المماليك من العبيد والإِماء" (?).
قال الزجاج: " أي: وأحسنوا بملك أيمانكم، وكانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» (?) " (?).
قال السعدي: " أي: من الآدميين والبهائم بالقيام بكفايتهم وعدم تحميلهم ما يشق عليهم وإعانتهم على ما يتحملون، وتأديبهم لما فيه مصلحتهم" (?).
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36]، أي: " إن الله تعالى لا يحب المتكبرين من عباده، المفتخرين على الناس" (?).