قال السعدي: " {الْمَسَاكِينِ}: وهم الذين أسكنتهم الحاجة والفقر، فلم يحصلوا على كفايتهم، ولا كفاية من يمونون" (?).

قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36]، " أي: وأحسنوا إلى الجار القريب منكم" (?).

قال الزجاج: " أي: الجار الذي يقاربك وتعرفه ويعرفك" (?).

وفي قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36]، ثلاثة أقوال:

أحدها: بمعنى والجار ذي القرابة والرحم، وهم الذين بينك وبينهم قرابة نسب، وهذا قول ابن عباس (?)، ومجاهد (?)، وعكرمة (?)، وقتادة (?)، والضحاك (?)، وابن زيد (?).

والثاني: أنه جارُ ذي قرابتك. قاله ميمون بن مهران (?).

قال الطبري: " وهذا القول قولٌ مخالفٌ المعروفَ من كلام العرب. وذلك أن الموصوف بأنه " ذو القرابة " في قوله: {والجار ذي القربى}، {الجار} دون غيره، فجعله قائل هذه المقالة جار ذي القرابة، ولو كان معنى الكلام كما قال ميمون بن مهران لقيل: وجار ذي القربى، ولم يُقَل: {والجار ذي القربى} " (?).

والثالث: أنه يعني: الجار ذي القربى بالإسلام. قاله نوف الشامي (?).

قال الطبري: " وهذا مما لا معنى له، وذلك أن تأويل كتاب الله تبارك وتعالى، غير جائز صرفه إلا إلى الأغلب من كلام العرب الذين نزل بلسانهم القرآن، المعروفِ فيهم، دون الأنكر الذي لا تتعارفه، إلا أن يقوم بخلاف ذلك حجة يجب التسليم لها. وإذا كان ذلك كذلك وكان معلومًا أن المتعارف من كلام العرب إذا قيل: " فلان ذو قرابة "، إنما يعني به: إنه قريب الرحم منه، دون القرب بالدين كان صرفه إلى القرابة بالرحم، أولى من صرفه إلى القرب بالدين" (?).

والإحسان قد يكون بمعنى المواساة، وقد يكون بمعنى حسن العشرة، وكف الأذى والمحاماة عنه، ويشمل الجوار الجار في العمل وفي السفر ونحو ذلك, روى البخاري عن عائشة عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" (?).

وعن أبي شريح أنّ النبي-صلّى الله عليه وسلّم- قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه" (?).

وهذا عام في كل جار، وقد أكّد عليه الصلاة والسلام ترك أذيته بقسمه ثلاث مرات، وأنه لا يؤمن الإيمان الكامل من آذى جاره، فينبغي للمؤمن أن يحذر أذى الجار بغير حق، وينتهي عما نهى الله ورسوله عنه، ويرغب فيما رضياه وحضَا عليه، وهذا العموم في الإحسان إلى الجار هو ما فهمه صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وطبقوه مع غير المسلمين (?).

قوله تعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36]، أي: "وأحسنوا إلى الجارب البعيد" (?).

قال الزجاج: " والجار القريب المتباعد" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015