و «الخبير»: "هو العالم بكنه الشىء، المطلع على حقيقته، كقوله تعالى: {فاسأل به خبيرا} [الفرقان: 59]. يقال فلان بهذا الأمر خبير؛ وله به خبر، وهو أخبر به من فلان؛ أي: أعلم. إلا أن الخبر في صفة المخلوقين إنما يستعمل في نوع العلم الذي يدخلة الاختبار، ويتوصل إليه بالامتحان، والاجتهاد، دون النوع المعلوم ببدائه العقول.
وعلم الله -سبحانه- سواء فيما غمض من الأشياء وفيما لطف، وفيما تجلى به منه وظهر. وإنما تختلف مدارك علوم الآدميين الذين يتوصلون إليها بمقدمات من حس، وبمعاناة من نظر، وفكر؛ ولذلك قيل لهم: ليس الخبر كالمعاينة، وتعالى الله عن هذه الصفات علوا كبيرا" (?).
والفرق بين العلم والخبر: "أن الخبر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها؛ ففيه معنى زائد على العلم" (?).
القرآن
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)} [النساء: 36]
التفسير:
واعبدوا الله وانقادوا له وحده، ولا تجعلوا له شريكًا في الربوبية والعبادة، وأحسنوا إلى الوالدين، وأدُّوا حقوقهما، وحقوق الأقربين، والأولاد الذين مات آباؤهم وهم دون سن البلوغ، والمحتاجين الذين لا يملكون ما يكفيهم ويسد حاجتهم، والجار القريب منكم والبعيد، والرفيق في السفر وفي الحضر، والمسافر المحتاج، والمماليك من فتيانكم وفتياتكم. إن الله تعالى لا يحب المتكبرين من عباده، المفتخرين على الناس.
قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، "أي: وحّدوا الله وعظموه ولا تشركوا به شيئاً من الأشياء صنماً أو غيره" (?).
قال الزجاج: " أي: لا تعبدوا معه غيره، فإن ذلك يفسد عبادته" (?).
قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]، أي: " وأحسنوا إلى الوالدين، وأدُّوا حقوقهما" (?).
قال الزجاج: " المعنى: وأوصاكم بالوالدين إحسانا، لأن معنى قضى ههنا أمر ووصى" (?).
قوله تعالى: {وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36]، " أي: وأحسنوا إِلى الأقارب عامة" (?).
قال الزجاج: " أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين" (?).
قوله تعالى: {وَالْيَتَامَى} [النساء: 36]، " أي: وأحسنوا إلى الأولاد الذين مات آباؤهم وهم دون سن البلوغ " (?).
قال الماوردي: " {الْيَتَامَى}، جمع يتيم وهو من مات أبوه لم يبلغ الحلم، و {الْمَسَاكِينِ}، جمع مسكين وهو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة فيتمسكن لذلك" (?).
قوله تعالى: {وَالْمَسَاكِينِ} [النساء: 36]، " أي: وأحسنوا إلى المحتاجين الذين لا يملكون ما يكفيهم ويسد حاجتهم" (?).
قال الطبري: " وهو جمع «مسكين»، وهو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة، فتمسكن لذلك، يقول تعالى ذكره: استوصوا بهؤلاء إحسانًا إليهم، وتعطفوا عليهم، والزموا وصيتي في الإحسان إليهم" (?).