قال مجاهد: " أمَا إنه ليس بالرجل والمرأة، ولكنه الحكمان" (?).
قال سعيد بن جبير: " هما الحكمان، إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما" (?). وروي عن السدي (?)، والضحاك (?) نحو ذلك.
قال مقاتل: " يعنى الحكمين، يوفق الله بينهما للصلح فإن لم يتفقا وظنا أن الفرقة خير لهما في دينهما فرق الحكمان بينهما برضاهما" (?).
قال الطبري: أي: " إن يرد الحكمان إصلاحًا بين الرجل والمرأة أعني: بين الزوجين المخوف شقاقُ بينهما يقول: " يوفق الله " بين الحكمين فيتفقا على الإصلاح بينهما. وذلك إذا صدق كل واحد منهما فيما أفضى إليه: مَنْ بُعِثَ للنظر في أمر الزوجين" (?).
وقوله تعالى: {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، يحتمل وجهين (?):
أحدهما: ليس ذلك إليها لأن الطلاق إلى الزوج.
والثاني: لهما ذلك لأن الحَكَم مشتق من الحُكم فصار كالحاكم بما يراه صلاحاً.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35]، أي: إن الله كان"عليماً بأحوال العباد حكيماً في تشريعه لهم" (?).
قال مقاتل: " {عليما}، بحكمهما، {خبيرا}، بنصيحتهما في دينهما" (?).
عن أبي العالية في "قوله: {خبيرا}: بمكانهما" (?).
قال الزجاج: " أي: {عليما} بما فيه الصلاح للخلق، {خبيرا} بذلك" (?).
قال الطبري: أي: {عليما} " بما أراد الحكمان من إصلاح بين الزوجين وغيره " خبيرًا "، بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما، لا يخفى عليه شيء منه، حافظ عليهم، حتى يجازي كلا منهم جزاءه، بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة غفرانًا أو عقابًا" (?).
الفوائد:
1 - مشروعية التحكيم في الشقاق بين الزوجين وبيان ذلك.
2 - من أسماءه تعالى «العليم» و «الخبير»:
فـ «العليم»: هو المحيط علمه بكل شيء، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء (?).
قال الخطابي: " «العليم»: هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق. كقوله تعالى: {إنه عليم بذات الصدور} [لقمان: 23]. وجاء على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم، ولذلك قال -سبحانه-: {وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف: 76]. والآدميون -وإن كانوا يوصفون بالعلم- فإن ذلك ينصرف منهم إلى نوع من المعلومات، دون نوع، وقد يوجد ذلك منهم في حال دون حال، وقد تعترضهم الآفات فيخلف علمهم الجهل، ويعقب ذكرهم النسيان، وقد نجد الواحد منهم عالما بالفقه غير عالم بالنحو وعالما بهما غير عالم بالحساب وبالطب ونحوهما من الأمور، وعلم الله -سبحانه- علم حقيقة، وكمال {قد أحاط بكل شيء علما} [الطلاق: 12]، {وأحصى كل شيء عددا} [الجن: 28] " (?).