وهذا يدل على أن علياً -رضي الله عنه-تعالى كان يميل إلى هذا القول، ويبعد أن يكون ذلك إلا بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم-.

وعن أشهب (?) قال: "سالت مالك بن انس: أينبغي لأحد أن يتسمى بـ (يس)؟ فقال: ما أراه ينبغي لقوله: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: 1، 2]، يقول هذا اسمي تسميت به" (?).

وقد نقل القرطبي - بعد إيراد هذا الأثر - تعقيب أبي بكر بن العربي عليه حيث قال: "هذا كلام بديع، وذلك أن العبد يجوز له أن يتسمى باسم الرب إذا كان فيه معنى منه كقوله: عالم، وقادر، ومريد، ومتكلم، وإنما منع مالك من التسمية بـ (يس) لأنه أسم من أسماء الله لا يُدْرَى معناه، فربما كان معناه ينفرد به الرب، فلا يجوز أن يُقْدِم عليه العبد، فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] (?)، قلنا: ذلك مكتوب بهجاء فتجوز التسمية به، وهذا الذي ليس بمتهجي هو الذي تكلم مالك عليه، لما فيه من الإشكال، والله أعلم" (?).

ويفهم من كلام الآلوسي أنه يميل إلى هذا القول، فقد قال: "وعندي فيما نحن فيه لطائف، وسبحان من لا تتناهى أسرار كلامه، فقد أشار - سبحانه - بمفتتح الفاتحة حيث أتى به واضحاً إلى اسمه الظاهر، وبمبدأ سورة البقرة إلى اسمه الباطن فهو الأول والآخر والظاهر والباطن" (?).

وهذا قول فيه نظر، وذلك لأن أسماء الله توقيفية لا تؤخذ إلا بنص من الكتاب العزيز أو الرواية الصحيحة عن المعصوم عليه السلام وما سبق ذكره لا يعتمد عليه في إثبات أسماء االله تعالى.

وقد قال محيي الدين شيخ زاده مبيناً بطلان هذا القول "أن أسماء االله تعالى لا تخلو من أن تدل على تعظيم أو تنزيه أو على ما يرجع إليهما والفواتح ليست كذلك" (?).

القول الثالث: أنها فواتح لأسماء الله تعالى:

ويري البعض أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور فواتح لأسماء الله - تبارك وتعالى ـ، فكل حرف منها هو فاتحة لاسم محذوف من أسماء الله، جاء ذلك الحرف ليدل على ذلك الاسم المحذوف، فالألف من قوله تعالى: {الم} مثلاً ابتداء اسمه الله، واللام ابتداء اسمه لطيف، والميم ابتداء اسمه مجيد (?).

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: " {كهيعص} قال: كاف من كريم، وها من هاد، ويا من حكيم، وعين من عليم، وصاد من صادق" (?).

وفي رواية أخرى عن بن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: " {كهيعص} قال: كاف هاد أمين عزيز صادق" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015