ويدخل في هذا القول ما روي عن عبد الله بن عباس أيضاً وكذلك عبد الله بن مسعود أن هذه الأحرف هي اسم الله الأعظم (?).
ويقرر ذلك ابن عطية بأنه إذا أمكن تأليفه منها، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها (?).
أو أن هذه الحروف أبعاض أسماء لله - تعالى -، بعضها يُعْلَم كيفية تركيبه منها، وبعضها لا يُعْلَم، فعن ابن عباس أنه قال: " (الر) و (حم) و (ن): الرحمن مُفَرَّقة" (?).
كما نقل الفخر الرازي وأبو حيان عن سعيد بن جبير تعالى أنه قال: قوله (آلر، حم، ن) مجموعها هو اسم الرحمن، ولكنا لا نقدر على كيفية تركيبها في البواقي (?).
أو هي حروف يدل بعضها على أسماء الذات، وبعضها على أسماء الصفات والأفعال، على نحو ما رُوِي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير: (الم) من قوله: أنا الله أعلم، وقوله في: (الر): أنا الله أرى، وفي: (المص): أن الله أفصل (?).
أو هي حروف يدل بعضها على أسماء الله ـ تعالى ـ وبعضها على أسماء غيره سبحانه، فعن ابن عباس في قوله تعالى: " (الم) يقول: ألف الله، لام جبريل، ميم محمد" (?)، أي: أنزل الله هذا الكتاب الذي لا ريب فيه على لسان جبريل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم- (?).
وهذا القول له وجه، لأن العرب قد تُطْلِقُ الْحَرْفَ الواحد من الكلمة، وَتُرِيدُ به جميع الكلمة، كقول الراجز (?):
قلنا لها قفي فقالت: قاف ... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف.
فقوله: "قاف"، أي: وقفتُ (?)، فدلت بإظهار القاف من «وقفت» على مرادها من تمام الكلمة التي هي «وقفت». فصرفوا قوله: (الم) وما أشبه ذلك إلى نحو هذا المعنى.
وكقول القائل (?):
بالخير خيرات وإن شراً فا ... ولا أريد الشر إلا أن تا
يعني: وإن شراً فشر، ولا أريد الشرّ إلا أن تشاء، وبذلك اكتفى بالتاء والفاء عن بقية الكلمتين جميعاً عن سائر حروفهما (?).
وقد ورد في السنة ما يشير إلى هذا، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله ـ عز وجل ـ مكتوب بين ـ عينيه: آيس من رحمة الله (?).
وعن بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة: آيس من رحمة الله (?).