وفي قوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]، خمسة أقاويل:

أحدها: ألا يجامعها، وهو قول ابن عباس (?)، وسعيد بن جبير (?).

والثاني: أن لا يكلمها ويوليها ظهره في المضجع، وهو قول الضحاك (?)، والسدي (?)، وروي عن عكرمة نحوه (?).

والثالث: أن يهجر فراشها ومضاجعتها وهو مجاهد (?)، والحسن (?)، وقتادة (?)، والشعبي (?)، وعامر (?)، وإبراهيم (?)، ومقسم (?)، ومحمد بن كعب القرظي (?)، وبه قال الزجاج (?).

قال الزجاج: " أي [واهجروهن] في النوم معهن، والقرب منهن فإنهن إن كن يحببن أزواجهن شق عليهن الهجران في المضاجع وإن كن مبغضات وافقهن ذلك فكان دليلا على النشوز منهن" (?).

والرابع: يعني وقولوا لهن في المضاجع هُجراً، وهو الإغلاظ في القول، وهذا قول ابن عباس في رواية أبي صالح عنه (?)، والحسن في إحدى الروايات (?)، وسفيان (?)، وأبي الضحى (?).

والخامس: هو أن يربطها بالهجار وهو حبل يربط به البعير ليقرها على الجماع، وهو قول أبي جعفر الطبري (?).

واستدل براوية ابن المبارك عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: "قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: يا رسول الله، نساؤنا، ما نأتي منها وما نذر؟ قال: حرثُك، فأت حرثك أنَّى شئت، غير أن لا تضرب الوجهَ، ولا تقبِّح، ولا تَهجر إلا في البيت، وأطعم إذا طَعِمت، واكْس إذا اكتسيتَ، كيفَ وقد أفضى بعضكم إلا بعض؟ إلا بما حَلّ عليها" (?).

قال الماوردي: " وليس في هذا الخبر دليل على تأويله دون غيره" (?).

وقال ابن عطية: " ورجح الطبري منزعه هذا وقدح في سائر الأقوال، وفي كلامه في هذا الموضع نظر" (?).

وقال الزمخشري في قول الطبري: " وقيل: معناه أكرهوهن على الجماع واربطوهن، من هجر البعير إذا شده بالهجار، وهذا من تفسير الثقلاء" (?).

والأقرب-والله أعلم- أن المراد: اهجروهن في المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن فيكون كناية عن الجمع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015