قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32]، أي: " واسألوا الله الكريم الوهاب يُعْطِكم من فضله" (?).
قال الطبري: أي: " واسألوا الله من عونه وتوفيقه للعمل بما يرضيه عنكم من طاعته" (?).
قال الزمخشري: أي: " ولا تتمنوا أنصباء غيركم من الفضل، ولكن سلوا الله من خزائنه التي لا تنفد" (?).
وفي المراد بالفضل في قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32]، ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الفضل: الطاعة. قاله سعيد بن جبير (?)، ومجاهد (?)، والسدي (?).
وقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " سلوا الله من فضله، فإنه يحب أن يسأل، وإنّ من أفضل العبادة انتظار الفَرَج" (?).
والثاني: أنه الرزق، قاله ابن السائب (?). ونسبه السمعاني إلى ابن عباس (?)، فيكون المعنى: سلوا الله ما تتمنونه من النعم، ولا تتمنوا مال غيركم (?).
والثالث: أنه سؤال التوفيق على الطاعة. قاله الإمام الطبري (?).
قرأ ابن كثير والكسائي: {وسلوا الله}، و {فسل الذين} [يونس: 94] و {فسل بني إسرائيل} ا [لإسراء: 101]، و [سل من أرسلنا} [الزخرف: 45]، وما كان مثله من الأمر المواجه به وقبله "واو" أو "فاء" فهو غير مهموز في قولهما، وروى الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة أنهما لم يهمزا: {وسل} ولا: {فسل}، مثل قراءة الكسائي، وقرأ أبو عمرو ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة بالهمز في ذلك كله (?).
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32]، أي: " إن الله كان بكل شيء عليمًا، وهو أعلم بما يصلح عباده فيما قسمه لهم من خير" (?).
قال سعيد بن جبير: "يعني: عالما" (?).
قال السمرقندي: أي: " فيما يصلح لكل واحد منهم من السهام، وبمن يصلح للجهاد" (?).
قال ابن كثير: " أي: هو عليم بمن يستحق الدنيا فيعطيه منها، وبمن يستحق الفقر فيفقره، وعليم بمن يستحق الآخرة فيقيضه لأعمالها، وبمن يستحق الخذلان فيخذله عن تعاطي الخير وأسبابه" (?).
الفوائد:
1 - قبح التمني وترك العمل.
2 - حرمة الحسد.
3 - فضل الدعاء وأنه من الأسباب التي يحصل بها المراد.
4 - ومن أسمائه «العليم»، والْعِلْمُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ، ، فهو سبحانه «العليم» المحيط علمه بكل شيء، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء (?).