والمحصنات من النساء، فواجبٌ أن تكون كلُّ مُحْصنة بأيّ معاني الإحصان كان إحصانها، حرامًا علينا سفاحًا أو نكاحًا إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء، كما أباحه لنا كتابُ الله جل ثناؤه، أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله" (?).
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة {والمحصنت}، في كل القرآن بفتح الصاد، وقرأ الكسائي {والمحصنت من النسآء إلا ما ملكت أيمنكم}، بفتح الصاد في هذه وحدها وسائر القرآن {المحصنت} [النساء: 25]، و [المائدة 5]، و [النور: 4، 23]، و {محصنت} [النساء: 25]، بكسر الصاد
ولم يختلف القراء في {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} فإنها مفتوحة، وروي عن مجاهد وعبد الله بن كثير مثل قراءة الكسائي {والمحصنت من النسآء} مفتوحة وسائر القرآن بالكسر (?).
قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]، "أي: هذا فرض الله عليكم" (?).
قال الطبري: أي: " كَتب الله تحريم ما حرَّم من ذلك وتحليلَ ما حلل من ذلك عليكم، كتابًا" (?).
عن إبراهيم قال: " {كتاب الله عليكم}، قال: ما حرَّم عليكم" (?).
عن ابن عباس في قوله: " {كتاب الله عليكم}، قال: هذا النسب" (?).
قال ابن جريج: " سألت عطاء عنها فقال: كتابَ الله عليكم، قال: هو الذي كتب عليكم الأربعَ، أن لا تزيدوا" (?).
عن محمد بن سيرين قال: "قلت لعبيدة: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم، وأشار ابن عون بأصابعه الأربع" (?).
عن السدي: " {كتاب الله عليكم}: الأربع" (?).
قال ابن وهب: " قال ابن زيد في قوله: {كتاب الله عليكم}، قال: هذا أمرُ الله عليكم. قال: يريد ما حرَّم عليهم من هؤلاء وما أحلَّ لهم. وقرأ: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم}، إلى أخر الآية. قال: كتاب الله عليكم، الذي كتَبه، وأمره الذي أمركم به. كتاب الله عليكم، أمرَ الله" (?)
وفي قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]، ثلاثة أقوال (?):
أحدها: أن معناه: حرم ذلك عليكم كتاباً من الله.
والثاني: معناه: ألزموا كتاب الله. وضعّفه الطبري فقال: " والذي قال من ذلك غير مستفيض في كلام العرب. وذلك أنها لا تكاد تَنصب بالحرف الذي تغرِي به، إذا أخَّرت الإغراء، وقدمت المغرَى به لا تكاد تقول: أخاك عليك، وأباك دونك، وإن كان جائزًا، والذي هو أولى بكتاب الله: أن يكون محمولا على المعروف من لسان من نزل بلسانه" (?).
والثالث: أن كتاب الله قيم عليكم فيما تستحلِّونه وتحرمونه.
قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، " أي: وأُحل لكم نكاح ما سواهنّ" (?).
عن خصيف في قوله: " {وأحل لكم}، يقول: التزويج" (?).
عن أبي مالك: " قوله عز وجل: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}، يعني: سواء ذلك" (?).
وفي تفسير قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، ثلاثة وجوه:
أحدها: أن معناه ما دون الأربع، وهو قول السدي (?)، وعبيدة السلماني (?).