قال الواحدي: {أَعْتَدْنَا} " أَيْ: هيَّأنا وأعددنا" (?).

قال ابن كثير: {أَلِيمًا} " أي: موجعا شديدا مقيما" (?).

قال الراغب: " أعتدنا. قيل: أصله: أعددنا، فأبدل من إحدى الدالين تاء. وقيل: هو أفعلنا من العتاد أي العدة، وهو ادخار الشيء قبل الحاجة إليه، والله تعالى غني عن الإعداد، وإنما القصد أنه لا يعجزه عذابهم حيث شاء" (?).

الفوائد:

1 - أن الذين يسوفون التوبة ويؤخرونها يخشى عليهم أن لا يتوبوا حتى يدركهم الموت وهم على ذلك فيكونون من أهل النار، وقد يتوب أحدهما، لكن بندرة وقلة وتقبل توبته إذا لم يعاين أمارات الموت.

2 - لا تقبل توبة من حشرجت نفسه وظهرت عليه علامات الموت، وكذا الكافر من باب أولى لا تقبل له توبة بالإيمان إذا عاين علامات الموت كما لم تقبل توبة فرعون.

القرآن

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} [النساء: 19]

التفسير:

يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تجعلوا نساء آبائكم من جملة تَرِكتهم، تتصرفون فيهن بالزواج منهن، أو المنع لهن، أو تزويجهن للآخرين، وهن كارهات لذلك كله، ولا يجوز لكم أن تضارُّوا أزواجكم وأنتم كارهون لهن; ليتنازلن عن بعض ما آتيتموهن من مهر ونحوه، إلا أن يرتكبن أمرا فاحشا كالزنى، فلكم حيننذ إمساكهن حتى تأخذوا ما أعطيتموهن. ولتكن مصاحبتكم لنسائكم مبنية على التكريم والمحبة، وأداء ما لهن من حقوق. فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية فاصبروا; فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير.

في سبب نزول الآية ثلاثة أقوال:

أحدها: أخرج الطبري وابن أبي حاتم (?)، عن ابن عباس قال: "كان الرجل إذا مات وترك جارية، ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس. فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها" (?).

وعن ابن عباس أيضا: " وذلك أن رجالا من أهل المدينة كان إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته، فورث نكاحها، فلم ينكحها أحد غيره، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفدية، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} " (?).

وفي السياق نفسه أخرج البخاري، وأبو داود (?)، والستائي (?)، عن ابن عباس: " «كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك» (?).

وقال مقسم: " كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها فجاء رجلٌ فألقى عليها ثوبه، كان أحق الناس بها، فنزلت هذه الآية: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} " (?).

وقال مجاهد: "كان الرجل إذا توفي كان ابنه أحق بامرأته» يقول فنزلت: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015