وقال ابن عمر: " التوبة مبسوطة للعبد ما لم يسق، ثم قرأ ابن عمر: {حتى إذا حضر أحدهم الموت}، قال: ثم يقول: وهل الحضور إلا السوق" (?).

عن عبد الله حتى: " {إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن}، قال: لا يقبل ذاك منه" (?).

قال ابن كثير: " فأما متى وقع الإياس من الحياة، وعاين الملك، وحَشْرَجَتِ الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم، وَغَرْغَرَتِ النفس صاعدة في الغَلاصِم - فلا توبة متقبلة حينئذ، ولات حين مناص؛ ولهذا قال تعالى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} وهذا كما قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا] (6)} الآيتين، [غافر: 84، 85] وكما حكم تعالى بعدم توبة أهل الأرض إذا عاينوا الشمس طالعة من مغربها كما قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} الآية [الأنعام: 158] " (?).

قال الثعلبي: " {السيئات}، يعني: المعاصي، ووقت النزع لا يقبل من كافر إيمانه ولا من عاص توبته" (?).

قال الراغب: " و {السيئات} ههنا، عبارة عن الشرك والكبائر. و «حضور الموت»: معاينة ملك الموت. بين تعالى أن التوبة تفوت إذا أخرت إلى ذلك، ولذلك لم ينفع إيمان من آمن عند رؤية العذاب، حيث قال تعالى: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا)، وقال: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت) الآية، وقوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} [المؤمنون: 99 - 100] الآية" (?).

قوله تعالى: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 18]، أي: ولا الذين " يموتون على الكفر فلا يُقبل إِيمانهم عند الاحتضار" (?).

قال أبو العالية: " هذا في أهل الشرك" (?). وروي عن ابن عباس (?)، والربيع بن أنس نحو ذلك (?).

قال الواحدي: " يعني: ولا توبة لهؤلاء إذا ماتوا على كفرهم لأنَّ التَّوبة لَا تُقبل فِي الآخرة" (?).

قال ابن كثير: " يعني: أن الكافر إذا مات على كفره وشركه لا ينفعه ندمه ولا توبته، ولا يقبل منه فدية ولو بملء الأرض ذهبا" (?).

عن ابي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبل تَوْبَةَ عَبْدِه - أو يغفر لعبده - ما لم يَقَعِ الحِجَاب". قيل: وما وُقُوع الحجاب؟ قال: "أن تَخرجَ النَّفْسُ وهي مُشْرِكة" (?).

قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18]، أي: أولئك "هيأنا لهم عذاباً موجعًا" (?).

عن ابن عباس في قوله: {عذابا}، يقول: نكالا" (?)، " {أليما} قال: كل شيء وجع" (?).

قال أبو العالية: " الأليم: الموجع في القرآن كله" (?). وروي عن سعيد بن جبير والضحاك وقتادة وأبي مالك وأبي عمران الجوني ومقاتل بن حيان نحو ذلك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015