2 - الحذر من لعب أعداء المسلمين، إذ يغرّونهم بأنواع وسائل الترفيه ليلهوهم عما خلقوا له من عبادة الله، وعما ينبغي أن يكونوا عليه من العزّة والكرامة، وتلك الوسائل الترفيهية في الحقيقة حبّ مسموم للدجاج، والحب المسموم للدجاج تغتر به، تجده حبّا منتفخا لينا فتفرح به وتأخذه بطرف مناقيرها وتبتلعه بسرعة ولكنه يقطع أمعاءها، فهكذا أعداء الإسلام فتحوا علينا أبواب الترفيه من كل ناحية، من أجل أن ننغمس فيها ولايكون لنا همّ إلا الرفاهية، وننسى ما خلقنا له من عبادة الله، وننسى ما ينبغي لنا أن نكون عليه من العزة والكرامة.
3 - أنه لايمكن للكفار أن يدخل الجنة، لقوله: {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
4 - الإشارة إلى أن هذا النعيم الذي يدركونه في الدنيا سوف ينسى بهذا المأوى الشسيء، فإذا كان المأوى هو النار نسوا كل شيء كما جاء في الحديث: " يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار، فيقال: اغمسوه في النار غمسة، فيغمس فيها، ثم يقال له: أي فلان، هل أصابك نعيم قط؟ فيقول: لا، ما أصابني نعيم قط، ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء، فيقال: اغمسوه غمسة في الجنة، فيغمس فيها غمسة، فيقال له: أي فلان، هل أصابك ضر قط؟ أو بلاء؟ فيقول: ما أصابني قط ضر ولا بلاء" (?).
وفي رواية أخرى: " يؤتى بأنعم أهل الدنيا، من أهل النار، يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله، يا رب، ويؤتى بأشد الناس في الدنيا، من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله، يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط" (?).
فالكافر يقول ذلك، لأنه نسي كل نعيم الدنيا ورفاهيتها التي عاشها بهذه الغمسة الواحدة، والمسلم يقول ذلك، لأنه نسي كل المصائب والابتلاءات التي أصابته في الدنيا بهذه الغمسة الواحدة في نعيم الجنة.
وأيم الله أن هذه الحقائق نحن نؤمن بها ولكن الغفلة تستولي علينا، نسأل الله العافية، وأن يوقظ قلوبنا بذكره.
5 - بيان قبح هذا المأوى، لأن الله أثنى عليه بأسوأ الثناء، فقال: {وبئس المهاد}، وهذا يدل على قبح مأوى أهل النار، نسأل الله السلامة منها.
القرآن
{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)} [آل عمران: 198]
التفسير:
لكن الذين خافوا ربهم، وامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، قد أعدَّ الله لهم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، هي منزلهم الدائم لا يخرجون منه. وما عد الله أعظم وأفضل لأهل الطاعة مما يتقلب فيه الذين كفروا من نعيم الدنيا.
قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} [آل عمران: 198]، "أي: لكن المتقون لله" (?).
قال مقاتل: " وحدوا ربهم" (?).
قال السمرقندي: "أي: " اتقوا الشرك والفواحش، ووحدوا ربهم" (?).
قال الطبري: أي: " لكن الذين اتقوا الله بطاعته واتّباع مرضاته، في العمل بما أمرهم به، واجتناب ما نهاهم عنه" (?).
قرأ أبو جعفر: بتشديد النون، الباقون: بتخفيفه (?).