قال الطبري: أي: " أن الله عنده من جزاء أعمالهم جميع صنوفه وذلك ما لا يبلغه وصف واصفٍ، لأنه مما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَر على قلب بشر" (?).
قال السمرقندي: " أي حسن الجزاء وهو الجنة. ويقال: حسن المرجع في الآخرة خير من الدنيا" (?).
قال ابن كثير: " أي: عنده حُسْن الجزاء لمن عمل صالحا" (?).
قال الراغب: " إن قيل: ما وجه قوله: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}، بعد قوله: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} على القول الأول؟
قيل: يحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أنه بين بقوله: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أن ما ذكره ثواب لهم، ثم أخبر أن هذا الثواب لا يوجد إلا عنده، فيكون قوله (أحسن، الثواب) إشارة إلى المذكور قبله.
والثاني: أن يكؤن حسن الثواب غير المذكور أولا، فنبه أن ما ذكرت أولا هو الذي عرفتكم، وعند الله حسن الثواب، الذي لم يعرفكموه لعجزكم عن الوقوف عليه إشارة إلى المذكور في
قوله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]، وفي قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] " (?).
عن حريز بن عثمان، أن شداد بن أوس كان يقول: "يا أيها الناس لا تتهموا الله في قضائه، فإن الله لا يبغي على مؤمن فإذا نزل بأحدكم شيء مما يحب فليحمد الله، وإذا نزل به شيء يكره فليصبر وليحتسب فإن الله عنده حسن الثواب" (?).
قال عباد بن منصور: "سألت الحسن عن قوله: {فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار}، قال: هم المهاجرون أخرجوا من كل وجه" (?).
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: "لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ثلة تدخل الجنة لفقراء المهاجرين الذين تُتَّقَى بهم المكاره، إذا أمروا سمعوا وأطاعوا، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان، لم تقض حتى يموت وهي في صدره، وأن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول: أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنة، فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب، وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون: ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار، ونقدس لك، مَنْ هؤلاء الذين آثرتهم علينا فيقول الرب جل ثناؤه: هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي. فتدخل الملائكة عليهم من كل باب: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}» [سورة الرعد: 24] " (?).
الفوائد:
1 - بيان فضل الله عزّ وجل بإجابة هؤلاء الذين دعوا بما سبق، لقوله: {فاستجاب لهم ربهم}.
2 - أن التكرار من أسباب الإجابة، والدعاء باسم الربوبية أقرب إلى الإجابة، لأن أكثر الأدعية الواردة في القرآن جاءت باسم الربوبية.
3 - عناية الله عزّ وجل بهؤلاء الأبرار، لأن هذه الربوبية هي ربوبية خاصة.
4 - أن الله يعطي الأجر كاملا، وهذا النفي يتضمن إثباتا، فإذا كان لايضيع عمل عامل فمقتضاه أنه يعطي العامل كل ما عمل، أي أجر كل ما عمل.