وقوله: {سبحانك}: "هو للتبرئة، والتنزيه: هو إبعاده عن العيب، وتبريئه منه، وتطهيره عما يقول الكفار، وهو حرف يقدم عند حاجات ترفع إليه، ودعوات يدعى بها" (?).

الفوائد:

1 - أن ذكر الله عزّ وجل من لوازم العقل ومقتضياته، لقوله: {لأولي الألباب، الذين يذكرون الله} [آل عمران: 190 - 191].

2 - فضيلة إدامة الذكر، ذكر الله عزّ وجل على كل حال، وكان أبلغ من وفّى بهذا حقه عزّ وجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت عائشة-رضي الله عنها-: "كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" (?).

3 - جواز ذكر الله تعالى للجنب، لدخوله في عموم قوله تعالى: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم}.

4 - أن ذكر الله في حال كون الإنسان على جنب لا يعد استهانة بالذكر، وكذلك قراءة القرآن، "وقد ثبت أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ متكئا في حجر عائشة وهي حائض رضي الله عنها" (?).

5 - فضيلة التفكير في خلق السماوات والأرض، والمقصود التفكر المقرون بقول: {ربنا ما خلقت هذا باطلا}، لا التفكر الذي يراد به الاطلاع على العلم المادي فقط في خلق السماوات، لأن هذا التفكر وإن كان يفيد الإنسان في الدنيا، لكنه لا يفيده في الآخرة.

6 - التوسل الى الله تعالى بالربوبية حال الدعاء، لأن الربوبية بها الخلق والملك والتدبير.

7 - انتفاء الباطل في خلق الله نفيا مطلقا، وإ 1 اانتفى الباطل نفيا مطلقا ثبت الحق، كما قال تعالى: {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الدخان: 39].

8 - الإقرار من هؤلاء العقلاء بان الله هو الخالق، وهو تقرير توحيد الربوبية.

9 - إثبات الحكمة في أفعلا لله، لقوله: {ربنا ما خلقت هذا باطلا}، فأفعال الله وشرائعه كلها لحكمة ليس فيها شيء عبث إطلاقا.

10 - تنزيه الله عزّ وجل عن كل عيب ونقص، مأخوذ من قوله: {سبحانك}، والذي ينزّه الله عنه شيئان: النقص، ومماثلة المخلوقات، حتى فيما هو كمال في المخلوقين، فإن الله منزّه عن مماثلتهم قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

11 - أن صفوة الخلق محتاجون إلى الدعاء للوقاية من النار.

12 - إثبات التوسل في الدعاء بصفات الله عزّ وجل، لأنهم بنوا {فقنا}، على قولهم: {سبحانك فقنا}، يعني: أننا نتوسل إلى الله عزّ وجل بتنزّهه عن النقص أن يقينا عذا النار، لأننا مؤمنون، لقوله: {يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، ويقرون بأنها خلقت بالحق وللحق، وينزهون الله عزّ وجل عن كل نقص وعيب، وينبني على ذلك أنهم جعلوا ذلك وسيلة لوقاية الله تعالى إياهم من النار {سبحانك فقنا}، لأنه المعروف في اللغة العربية أن "الفاء" تدل على تفرع ما بعدها على ما قبلها.

13 - إثبات النار وهي دار المجرمين والعصاة والظالمين والكفرة.

14 - في الآية الكريمة كلمتان لايجوز فصل إحداهما عن الأخرة، وهي: {مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}، فلو قلت: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا}، وسكتّ أوهم معنى فاسدا، ولهذا يجب الوصل: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}، ومثله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، وقوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4 - 5]، وذلك لو سكت لأوهم أن الوعيد للمصلي.

القرآن

{رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)} [آل عمران: 192]

التفسير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015