وفي عود الضمير (الهاء) في قوله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187]، قولان:

أحدهما: أنها ترجع إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-، والمعنى: ليبين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا قول سعيد بن جبير (?)، والسدي (?).

والثاني: أنها ترجع إلى الكتاب، والمعنى: ليبين الكتاب الذي فيه ذكره، وهذا قول الحسن (?)، ومعنى قول قتادة (?)، وسفيان (?)، واختاره ابن الجوزي (?).

والراجح-والله أعلم- هو القول الثاني، " لأن الكتاب أقرب المذكورين، ولأن من ضرورة تبيينهم ما فيه إظهار صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول من ذهب إلى أنه عام في كل كتاب" (?).

قال علي بن أبي طالب عليه السلام: "ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا" (?).

قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو بكر، والمفضل عن عاصم، وزيد عن يعقوب: {ليبيننه للناس ولا يكتمونه}، بالياء فيهما، وقرأ الباقون، وحفص عن عاصم بالتاء فيهما، فمن قال {ليبيننه} بالياء، فلأنهم غيب، ومن قال {لَتُبَيِّنُنَّهُ}: بالتاء، حكى المخاطبة التي كانت في وقت أخذ الميثاق (?).

قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187]، " أي: فطرحوا ذلك العهد وراء ظهورهم" (?).

قال ابن كثير: أي: " فكتموا ذلك" (?).

قال الثعلبي: أي: " طرحوه وضيعوه وتركوا العمل به" (?).

قال التستري: " أي: لم يعملوا بالكتاب" (?).

قال الطبري: أي: " فتركوا أمر الله وضيعوه، ونقضوا ميثاقه الذي أخذ عليهم بذلك، فكتموا أمرك، وكذبوا بك " (?).

قال الشعبي: " إنهم قد كانوا يقرأونه، إنما نبذوا العمل به" (?)، وفي رواية أخرى: " قذفوه بين أيديهم، وتركوا العمل به" (?).

وقال ابن جريج: " نبذوا الميثاق" (?). وروي عن السدي نحو ذلك (?).

قال الزمخشري: أي: " فنبذوا الميثاق وتأكيده عليهم، يعنى لم يراعوه ولم يلتفتوا إليه. والنبذ وراء الظهر مثل في الطرح وترك الاعتداد. ونقيضه جعله نصب عينيه وألقاه بين عينيه" (?).

قال الزجاج: " معنى "نبذوه"، رموا به يقال للذي يطرح الشيء ولا يعبأ به: قد جعلت

هذا الشيء بظهر، وقد رميته بظهر، قال الفرزدق (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015