لا تغبروا علينا، فسلم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء، إنه لأحسن مما تقول، إن كان حقا، فلا تؤذينا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه قال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ يريد: عبد الله بن أبي، قال: كذا وكذا "، قال سعد: يا رسول الله، اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل الكتاب، لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه الحرة على أن يتوجوه، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله، شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين، وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله جل وعز: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}، قال الله جل وعز: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا إلى: إن الله على كل شيء قدير} وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم فلما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بدرا، فقتل الله من صناديد كفار قريش، قال أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فتتابعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا" (?).
قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 186]، "أي: والله لتمتحننَّ وتختبرنَّ في أموالكم بالفقر والمصائب، وفي أنفسكم بالشدائد والأمراض" (?).
قال مقاتل: " نزلت في النبي- صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق- رضي الله عنه- " (?).
قال ابن قتيبة: " أي: لتختبرن. ويقال: لتصابن. والمعنيان متقاربان" (?).
قال الزجاج: " معناه: لتختبرن أي تقع عليكم المحن، فيعلم المؤمن من غيره" (?).
قال مقاتل: " يعني بالبلاء والمصيبات" (?).
قال ابن جريج: "أعلم الله المؤمنين أنه سيبتليهم، فينظر كيف صبرهم على دينهم" (?).
قال الطبري: أي: " لتختبرن بالمصائب في أموالكم وأنفسكم، يعني: وبهلاك الأقرباء والعشائر من أهل نصرتكم وملتكم" (?).
قال عباد بن منصور: " سألت الحسن عن قوله: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} قال: نبتلى- والله- في أموالنا وأنفسنا" (?).
قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186]، "أي: ولينالنّكم من اليهود والنصارى والمشركين - أعدائكم - الأذى الكثير" (?)
قال مقاتل: " حين قالوا: إن الله فقير. ثم قال: {ومن الذين أشركوا}، يعني: مشركي العرب {أذى كثيرا}: باللسان والفعل" (?).