قال السمعاني: " فإن قال قائل: لا يخفي أن كل نفس تموت، فأيش الفائدة في قوله: {كل نفس ذائقة الموت}؟ قيل: أراد به: التزهيد بالدنيا، يعني: أن النفوس إلى الفناء؛ فتزهدوا بالدنيا" (?).
قال الراغب: " وتخصيص الذوق هاهنا من حيث إنه ذكر الباخلين بالمال، وهو قوله: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله. . .} الآية، وأعظم البخل بالمال يكون خشية من فقدان الطعام الذي به قوام الأبدان، ولهذا ذكر ألأكل في عامة المواضع التي ذكر فيها احتجاز المال، نحو {ولا تأكلوا أموالكم}، وقوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى}، فبين بالذوق أن الذي يخافونه طعام لابد منه" (?).
نقل السمرقندي عن الكلبي: "لما نزل قوله تعالى: {كل من عليها فان} [الرحمن: 26]، قالت الملائكة: هلك أهل الأرض، فلما نزل: {كل نفس ذائقة الموت}، أيقنت الملائكة أنها هلكت معهم" (?).
وقرأه العامة: {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}: بالإضافة، وقرأ الأعمش: {ذائقة} بالتنوين، {الموت} نصبا، وقال: لأنها لم تذق بعد، وقال أمية بن الصلت (?):
من لم يمت عبطة يمت هدما ... للموت كأس والمرء ذائقها (?).
قوله تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 185]، " أي: وإنما تُعطون جزاء أعمالكم وافياً يوم القيامة" (?).
قال الثعلبي: أي: " توفون جزاء أعمالكم يوم القيامة إن خيرا فخير وإن شرا فشر" (?).
قال أبو السعود: " أي تعطون أجزية أعمالكم على التمام والكمال {يوم القيامة} أي يوم قيامكم من القبور وفي لفظ التوفية إشارة إلى أن بعض أجورهم يصل إليهم قبله كما ينبئ عنه قوله عليه الصلاة والسلام: «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» (?) " (?).
قوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]، "أي: فمن نُحي عن النار وأُبْعِد عنها، وأُدخل الجنة فقد فاز بالسعادة السرمدية والنعيم المخلّد" (?).
قال الثعلبي: أي: " نجا وأزيل عن النار، {وأدخل الجنة فقد فاز}، ظفر بما يرجوا ونجا مما يخاف" (?).
قال ابن كثير: " أي: من جنب النار ونجا منها وأدخل الجنة، فقد فاز كل الفوز" (?).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَوْضع سوط في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، اقرؤوا إن شئم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} " (?).
قال الراغب: " الفوز: إدراك الأمنية. والمفازة في قوله: {فلا تحسبنهم بمفازة} مصدر، ويقال للمهلكة: مفازة تفاؤلا، والصحيح أنهم لما رأوها تارة سببا للفوز، وتارة سببا للهلاك سموها بالاسمين، وذلك بنظرين مختلفين، وكذا قولهم: هلك، وفاز، إذا مات، كأنه رئي الموت في بعض الناس هلاكا له، وفي بعضهم فوزا له، إما لكونه