الفوائد:
1 - بيان تعنّت اليهود الذين ردّوا ما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم- من البينات بناء على ما ادّعوه من هذه الآية.
2 - أنه ينبغي عند المخاصمة إفحام الخصم بما يدعيه ليكون ذلك أبلغ في دحض حجّته، يؤخذ من قوله: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
3 - أن الرسل عليهم الصلاة والسلام جاءوا بالبينات الدالة على رسالتهم ولا بد من هذا عقلا كما هو واقع شرعا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من نبي من الأنبياء إلا أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" (?).
4 - إقامة الحجة على هؤلاء الذين ادعوا هذه الدعوى، لأنهم قتلوا الأنبياء الذين جاؤوا بما قالوه.
القرآن
{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)} [آل عمران: 184]
التفسير:
فإن كذَّبك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود وغيرهم من أهل الكفر، فقد كذَّب المبطلون كثيرًا من المرسلين مِن قبلك، جاءوا أقوامهم بالمعجزات الباهرات والحجج الواضحات، والكتب السماوية التي هي نور يكشف الظلمات، والكتابِ البيِّن الواضح.
قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [آل عمران: 184]، " أي: فلا يحزنك يا محمد تكذيب هؤلاء لك، فإِنهم إِن فعلوا ذلك فقد كذَّبت أسلافهم من قبلُ رسل الله" (?).
قال الضحاك: " يعزِّي نبيه -صلى الله عليه وسلم-" (?). وروي عن قتادة (?)، وابن جريج (?) مثل ذلك.
قال مقاتل: " يعزي نبيه- صلى الله عليه وسلم- ليصبر على تكذيبهم فلست بأول رسول كذب" (?).
قال الطبري: " وهذا تعزية من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم على الأذى الذي كان يناله من اليهود وأهل الشرك بالله من سائر أهل الملل" (?).
قال ابن كثير: " أي: لا يوهنك تكذيب هؤلاء لك، فلك أسوة من قبلك من الرسل الذين كُذبوا" (?).
قوله تعالى: {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ} [آل عمران: 184]، " أي: كذبوهم مع أنهم جاءوهم بالبراهين القاطعة والمعجزات الواضحة" (?).
قال مقاتل: " يعني: بالآيات" (?).
قال ابن كثير: أي: " مع ما جاؤوا به من {البينات}، وهي: الحجج والبراهين القاطعة" (?).
أخرج ابن ابي حاتم عن السدي، عن أصحابه في قول الله تعالى: " {بالبينات}، قال: الحلال والحرام" (?).
قوله تعالى: {وَالزُّبُرِ} [آل عمران: 184]، "أي: وبالكتب السماوية المملوءة بالحِكَم والمواعظ" (?).
قال الزمخشري: " وهي الصحف" (?).